للأسف أن التخطيط لدينا يكاد يكون معدوماً في كثير من مناحي الحياة ويتضح ذلك في الرياضة وفي كرة القدم على وجه الأخص.. نجد ذلك ماثلاً للعيان في كثير من الخطوات التي تتبعها الأندية. فلا تجد التخطيط الاستراتيجي المبني على معطيات وتخطيط للأهداف إلا في نطاق ضيق.. فالقفز على كل الخطوات الحتمية هو ما ننشده.. ولأننا كأندية نمارس نفس الدور فلا بد من فائز من أحد الفاشلين في النهاية وهو ما نسميه نجاحاً تجاوزاً قد يكون بضربة حظ.. حيث تبدأ خطواتنا بالبحث عن مدرب عن طريق سماسرة هم بالأصل مسوقون نستمع لهم ونأخذ بهرجتهم التسويقية على محمل الجد والثقة ونكتفي بما يعرضونه علينا.. وذلك ما يفسر تغيير المدربين لدينا بسرعة هائلة وغير منطقية.. مع أن مسيري الأندية يتحملون جزءاً كبيراً من الإخفاق.. إلا أنني لا أعفي السماسرة من الأفخاخ التي تنصبها لصاحب النسبة الأكبر من العقد.
ثم نأتي إلى نقطة أخرى وهي عقدة اللاعب.. فبمجرد سماعنا بلاعب جيد نتسابق على إحضاره بغض النظر عن مدى حاجتنا الفعلية له وذلك ما يفسر تكدس اللاعبين في خانة معينة وتعطل حساسيتهم جراء التكديس.. ثم إننا عند جلبنا لذلك اللاعب لا نأخذ رأي المدرب مسبقاً ومدى حاجته له والاستفادة مما لديه.
يجب علينا بعد اقتناعنا بالمدرب أن نجتمع به ونعطيه الحرية الكاملة في التصرف في التعاقدات ومكاشفته عن الميزانية المعدة لإحضار اللاعبين ووضعه أمام مسؤولياته وبسط أهدافنا كاملة من التعاقد معه ليشرع بعد ذلك بتقييم المتاح لديه من لاعبين وتعزيز القدرات الكامنة لديهم واستثارة عطائهم والكشف عن مكامن الضعف في الفريق للبحث حسب الميزانية المدرجة عن سد لهذه الخانة الضعيفة مع عدم التدخل في شؤونه أو فرض رؤيتنا عليه.. والاتفاق معه على إجراء محاسبة شهرية لتقييم الأداء العام وتغيير الاستراتيجية إن لزم الأمر.
المشكلة المتأصلة لدينا والناتجة عن عدم التخطيط الاستراتيجي أننا نضع نصب أعيننا الفوز بجميع البطولات التي سندخلها ونعلن ذلك في جميع المحافل الإعلامية مما يسبب إحراجاً وضيقاً للقائمين على الفريق في حالة الفشل الحتمي المنتظر مما يدعوهم إلى البحث عن كبش فداء يكون غالباً ذلك المدرب الذي كبلناه بلاعبين لم يطلبهم وتدخلنا بعمله ثم ألقينا عليه لائمة الخروج من البطولات وألغينا عقده لنبحث عن بدء اسطوانة أخرى.
لنعد بالذاكرة إلى الموسم المنصرم ونأتي بآلة حاسبة ونحصي عدد المدربين الذين مروا على أنديتنا الممتازة.. ونرى بأم أعيننا كم نجني بحق رياضتنا من هدر مالي إضافة إلى القلق المستمر.. ولنسأل أنفسنا هل حقاً كل المدربين الذين مروا علينا لم يوفقوا هم من الفاشلين تدريبياً.
كوزمين
سأتحدث عن كوزمين كمثال لا كون فريقه فاز ببطولتين من أصل أربع بطولات خاضها.. ولكن لأتحدث عنه من منظور تخطيطي حينما ضحى ببطولة كانت في متناول يد فريقه وأراح لاعبيه في نهائي مهم ليضع أعين لاعبيه وتركيزهم على بطولة ستفتح له باب المشاركة الآسيوية.. التي ظفر بها.. وجاء سمو الأمير عبدالرحمن بن مساعد ليعلن أن هدف الفريق الهلالي هو البطولة الآسيوية التي ستفتح له أبوابا العالمية مشرعة بمشيئة الله مما يوحي بتخطيط استراتيجي مدروس في الفريق الهلالي للمواسم القادمة نرجو أن يستمر عليها ولا تتغير الخطط أثناء الموسم.