أنا لست مع ذي الإعاقة الذي يستجدي الناس بإعاقته، ولكني مع كل ذي إعاقة يحرص على أن تكون في ظروف إعاقته نقاط قوة يسعى من خلالها إلى الدرجات العُلا في الأولى والأخرى، وليس - والله - أحب إلى نفسي من أن أرى معاقاً إعاقة حركية يسعى الهوينى ليصل إلى المسجد معتمداً - بعد الله - على نفسه، باذلاً أقصى ما لديه من الجهد حريصاً على ألا يكون عالة على غيره).
موقف إيجابي ممتاز تضمّنته افتتاحية العدد التاسع الصادر عام 1429هـ من مجلة (التربية الخاصة) التي تصدرها الإدارة العامة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم، وهي افتتاحية كتبها المشرف العام على المجلة د. إبراهيم بن عبدالعزيز الفوزان.
نعم، نحن بحاجة إلى هذه النظرة الموضوعية التي تسهم في رفع معنوية الإنسان الذي قدَّر عليه خالقه ومولاه نقصاً في وظيفة من وظائف أعضاء جسده، وتدفعه إلى العمل الجاد - قدر استطاعته - وتمنحه الروح القوية التي لا تستسلم لليأس والشعور بالضعف والعجز، الإنسان المعاق جسدياً يملك أكبر مصدرٍ للقوة الحقيقية ألا وهو الطاقة البشرية الهائلة التي تنبثق من روح الإنسان وعقله، وإيمانه بقيمة وجوده في هذه الحياة، وهي طاقة مستمدَّة من نَفْثةِ الروح الإلهية التي رفع الله بها شأن قبضة الطين منذ أن خلق أبانا آدم - عليه السلام - ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته. ومادامت هذه الطاقة البشرية موجودة في الإنسان فهو أهل للعمل والعطاء، والحياة الحرة الكريمة التي تجعله ساعداً من سواعد البناء في مجتمعه وأمته.
مجلة التربية الخاصة مجلة ذات قيمة خاصَّة تصدر في كل عام مرتين متناولة من الأخبار، والمواقف، والدراسات الخاصة بفئة المعاقين ما يجعلها نافعةً لكل من يطَّلع عليها.
ثنتان وثمانون صفحة من قطع المجلات الكبير تستعرض عدداً كبيراً من الأخبار المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة، تجعل القارئ يقف على حقيقة ما يدور في عالم هذه الفئة من إنجازات مختلفة. في مجالات التربية والتعليم، والتدريب، والرعاية، والدعم المادي والمعنوي، والمجلة تتجوَّل بالقارئ في مناطق المملكة ومحافظاتها بعدد من التحقيقات الصحفية المصورة واللقاءات المباشرة مع العاملين في هذا المجال المهم.
موضوعات متعددة عن التوحُّد، واضطرابات السمع والبصر، والإعاقات الحركية، وعرض للمسابقات الثقافية التي تقام في هذا المجال، ومتابعة ممتازة للمهرجانات، والندوات، والبرامج المتعددة التي تقدم أفضل الخدمات لهذه الفئات المهمة في المجتمع.
وقد لفت نظري في هذا العدد خبر عن زيارة واحد وخمسين كفيفاً ومعلِّماً عُمانياً لمقر الإدارة العامة للتربية الخاصة، ومطابع خادم الحرمين الشريفين لطباعة المصحف الشريف بطريقة برايل، والمطابع التي تقوم بطباعة الكتب الثقافية وتوزيعها على المكفوفين وضعاف البصر والمراكز الإسلامية والمعاهد والأفراد. وهذا تواصل جميل بين الجهات المتخصصة في هذا المجال في العالم العربي والإسلامي.
في المجلة إشارة إلى أهمية دور وسائل الإعلام في إبراز قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، والتعريف بهم، والمشاركة في طرح الحلول لبعض المشكلات التي تعترض طريق الجهات العاملة في هذا المجال. مجلَّة حافلةٌ بالمعلومات يستحق القائمون عليها منا الشكر والتقدير.
إشارة: قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.