ما ورثنا من أهلنا سوى الفقر وبعض الأمراض الوراثية).. قالها متذمراً مما هو فيه رغم النعمة التي يرفل بها والتي لم يحلم بها الأثرياء من أسلافه.. من منزل وكهرباء وماء نقي وسيارة وهاتف وتكييف وتدفئة وثلاجات وأنعام طازجة وأخرى مجمدة.. ومدارس ومراكز رعاية أولية ومستشفيات.. وأمن أكاد أجزم بأنه لم يمر على أسلافنا من قبلنا.
ماذا نتوقع من هذا المتذمر وأمثاله أن يوَرِّث أبناءه إذا لم يستطع أن يورثهم مالاً؟.. لا شك أنه سيورثهم المزيد من التذمر والكراهية له أولاً وللمجتمع والدولة من ورائه.
هذا الأب وأمثاله يحتاجون للتربية وقبل هذا للمساءلة.. نعم يجب أن يتم تربيتهم وتوجيههم من جديد ليعرفوا أن الحياة ما هي إلا مرحلة عبور وأن الأخلاق هي الموروث الرئيسي.. ومن ذلك أن نتعامل مع كل شيء ومع كل أحد بأرقى أخلاق التعامل بطريقة سليمة وسوية تفضي إلى علاقات اجتماعية متماسكة وتراحم وتعاطف وعطاء وإنتاج ينهض بالمجتمع بالمحصلة.
التربية مسؤولية كبيرة اهتم بها الإسلام وجعلها أمانة في عنق الآباء والأمهات.. فأكَّد على أن الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها.. وإذا أحسن الأبوان تربية الأبناء فلا شك أن الأبناء سيرثون ما هو أهم من المال.. سيرثون مكارم الأخلاق والفضائل الاجتماعية النبيلة.. وهو الموروث الحقيقي.
الأب الذي يحرص على أن يضخ في المجتمع أكبر عدد من الأبناء دون الحرص على التهذيب والتأديب.. ليترك المجتمع يعاني من سوء سلوكياتهم وفساد أخلاقهم.. فهم عالة أكثر من كونهم ثروة.. وهم مصيبة أكثر من كونهم فائدة.. الشارع يعاني.. والمدرسة تعاني.. والسجون تعاني من هذا الأب الفاشل الذي لم يجد من يربيه أو يسائله.
أعتقد أنه قد حان الوقت لمساءلة الآباء الذين يتخلون عن مسؤولياتهم التربوية.. ومساءلة آباء الأحداث والمجرمين.. فالمجتمع للجميع ولا يحق لأحد أن يؤذيه أو يدمره بمنتجات بشرية رديئة تحت ذريعة حرية الإنجاب والتربية.. يجب أن تكون هناك خطوط حمراء يقف عندها الآباء وإلا أصبحوا عرضة للمساءلة والعقاب حماية للمجتمع والوطن.