Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/07/2008 G Issue 13068
الاربعاء 06 رجب 1429   العدد  13068
اكتتابات بحجم النانو والتخصيص باستخدام المجهر !
محمد سليمان العنقري

سهم واحد للمكتتب الفرد في شركتي العثيم وحلواني هذا ما انتهت إليه عمليات التخصيص التي خرجت من مخبر مديري الاكتتاب للأحجام المتناهية بالصغر, وهي ليست المرة الأولى فقد حدث ذلك في تخصيص بدجت والخليج للتدريب وغيرها من قبل، وأصبح السؤال عن جدوى هذه الاكتتابات مستقبلا يدور في رأس كل مستثمر بالسوق السعودية.

وقد أثير هذا الأمر من قبل الكثيرين من المتعاملين والمحللين بالسوق، فماذا لو كان الإقبال أكبر من عدد الأسهم المخصصة للأفراد كيف سيكون التقسيم وما المنفعة منه بخلاف ما تجنيه المؤسسات المالية من دخولها عمليات الاكتتاب، وما تحصل عليه من كميات ترفع بها السعر إلى مستويات عالية لأنها لا تحتفظ بمثل هذه الشركات كونها صغيرة الحجم وعالية المخاطرة فهي تحقق ربحها من اليوم الأول وتخرج.

وخطورة هذه الشركات تتمثل بجوانب عديدة فهي تزيد من عدد شركات المضاربة بالسوق فلا يمكن أن تكون شركات للاستثمار لأنها تتذبذب بشكل كبير وبالتالي ستستقطب سيولة كبيرة على مدار العام وتفاقم من أزمة الخسائر التي تلحق بمتعاملي السوق، خصوصا أن غالبيتهم يرغبون بالمضاربة لقناعتهم بأنها أسهل طرق تعويض ما فقدوه منذ انهيار فبراير 2006 ولعل شركات قطاع التأمين الصغيرة خير دليل والتقلبات التي حصلت وتحصل به كلها بسبب عامل رئيسي محدودية الكميات المطروحة للتداول.

كما أن هذه الشركات تستنزف أموالا ترفع قيمتها السوقية بشكل كبير يصل إلى عدة أضعاف ما تستحقه من سعر فيكفي ضرب السعر السوقي بعدد الأسهم التي يملكها أي مستثمر كبير فيها ليخرج لك رقم فلكي لم يساهم هو بأي ريال به سوى أن شركته تركب أمواج محيط المضاربين ولا ندري إلى أي بر ستصل ولكن الضحايا بالطريق كثر.

وهناك سؤال يفرض نفسه: ما جدوى نشاط بعض هذه الشركات إذا لم يكن غالبيتها في المستقبل خصوصا في الاقتصاديات الناشئة يجب أن تطرح بأسواقها الشركات التي تعبر عن جوهر اقتصادها وتكون أساسا لرفع مستوى الناتج الوطني وتؤثر بالنشاط الاقتصادي بكافة أبعاده، فلا يجب أن تكون ذات نشاط يصنف من الكماليات خصوصا إننا بحاجة إلى توظيف أموالنا بما يعزز من قوة الاقتصاد على المدى البعيد تحديدا إذا أردنا تنويع مصادر الدخل، فما زال ينقصنا الكثير من الصناعات والخدمات المهمة التي يلعب نقصها دورا مهما بارتفاع معدلات التضخم كنتيجة لغياب العلاقة بين الاستثمار والادخار سابقا فسوقنا لا يتحمل شركات من الممكن أن تفلس إذا تراجع النمو الاقتصادي، وأعتقد ما حدث ببعض شركات السوق القديمة والتي تأكل جزءا كبيرا من رأس مالها إلى درجة إيقاف الهيئة لبعضها عن التداول لأكبر تجربة يجب الاستفادة منها حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى مع متداولين ينجرفون خلف الإشاعات وأحلام الثراء وتعويض الخسائر؛ فشركة الأسماك وصلت قيمتها السوقية قبل عام ونصف إلى ثمانية مليارات ريال بينما نشاط قطاعها لا يتجاوز حجمه مليارا ونصف المليار من كافة العاملين بالقطاع على مستوى المملكة سواء شركات أو أفراد. كما يؤدي ارتفاع مكررات ربحية تلك الشركات نتيجة حدة المضاربات بخلاف الشركات الخاسرة أصلا إلى ارتفاع عوامل المخاطرة بالسوق، وهذا سيلحق الضرر بجاذبية الاستثمار المؤسسي الأجنبي وحتى المحلي والإقليمي نتيجة التقلبات الكبيرة بالأسعار والتي تنسحب حتى على الشركات الكبيرة كون السيولة تخرج بشكل سريع من شركات العوائد الكبيرة والمتوسطة إلى تلك الشركات كرغبة بالربح السريع.

ويأتي الالتزام بطرح 30 بالمائة من رأس مال تلك الشركات حسب النظام ليضعف كمية المطروح للاكتتاب من جهة وليكرس احتكار القرار بتوجهات الشركة مستقبلا دون القدرة على فرض رأي المساهمين الجدد بإدارة الشركة وانعدام تأثيرهم بمستقبلها نتيجة بقاء حصص السيطرة بيد المؤسسين.

طرح مثل هذه الشركات قد لا يغطى مستقبلا نتيجة عزوف الأفراد عن الاكتتاب بها لانعدام الفائدة نتيجة التخصيص المجهري مما يتطلب إعادة النظر بحجم المطروح منها وجدوى نشاط الشركة وأثره على السوق مستقبلا ومراجعة آلية طرحها ضرورة عبر الإدراج المباشر من خلال مدير الإصدار ومتعهد التغطية بدون فتح النسبة وبسعر يكون عادلا لضمان بقائها ضمن المستويات الآمنة، بل ومن الأفضل إيجاد سوق للشركات الصغيرة، كما هو معمول به في عدة دول كمصر على سبيل المثال بآلية مختلفة عن السوق الحالي لتقليص حدة المضاربات وتغليب المناخ الاستثماري عليها.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد