في الدستور العراقي الذي وضعه الأمريكيون واستفتى عليه العراقيون تحت حراب وبنادق الاحتلال، يوصف العراق بجمهورية اتحادية فدرالية. والمعروف أن النظم الفدرالية لها أطرها الدستورية والقانونية، التي تخضع لها الأقاليم أو الكيانات المكونة للدولة الفدرالية. ولكن الشيء الذي تأخذ به كل الدساتير الفدرالية، هو الاحتكام للدستور الموحد للدولة، والأخذ به إذا ما اختلفت إحدى مواد دستور الولاية أو الإقاليم المنظمة للدولة الفدرالية والتي هي أحد أجزاء تلك الدولة.
هذا ما هو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك في سويسرا وألمانيا الاتحادية، إلا في جمهورية العراق، فبالرغم من أن الدستور ينصُّ على أن العراق جمهورية اتحادية فدرالية موحدة، وأنه وطن واحد يقيم عليه شعب واحد متعدد الطوائف والعرقيات، إلا أن التطبيق شيء آخر، وهناك جماعات عرقية وطائفية تحاول أن ترسخ هذه التجاوزات وتثبيت إجراءات وأفعال تمهد لفصل أجزاء من العراق أو جعل الانفصال أمراً واقعاً وإن ظل مرتبطاً بالدولة العراقية. وهذا ملاحظ في إقليم كردستان العراق الذي استكمل تقريباً كل خطوات الانفصال، من عَلم واحد كان وإلى وقت قريب يرفع وحده على أراضي الإقليم بعد إبعاد العلم الوطني بحجة عدم تغيره.. وهناك حكومة للإقليم وبرلمان. وكل هذا قد نجده في الكيانات الفدرالية الأخرى، إلا أن المستغرب هو عدم السماح بالإقامة والعيش في الإقليم الكردي إلا للأكراد، وعلى العراقيين الآخرين الحصول على إذن بما يشبه (الإقامة) المفروضة على الأجانب.
أكثر من ذلك، على العرب الذين كانوا يقيمون ويمتلكون مساكن ولهم مصالح في محافظات كردستان عليهم أن يصفُّوا أعمالهم ويغادروا الإقليم بعد أن يحصلوا على تعويضات مقابل التنازل على ممتلكاتهم التي يجب أن تكون للأكراد فقط..!!
هذا التطهير الفدرالي يسعى الأكراد الآن إلى تنفيذه على مدينة كركوك التي يتقاسم السكن فيها العرب والتركمان والأكراد، ويسعى الأكراد إلى ضمها إلى إقليم كردستان.
jaser@al-jazirah.com.sa