تهدف المؤسسة العامة للتدريب المهني إلى تدريب وإعداد قوى عاملة وطنية مؤهلة ومنافسة في التخصصات المهنية المختلفة ورفع كفاءتها بناء على احتياجات سوق العمل من خلال تصميم وتنفيذ وتقييم برامج التدريب وفقا لأعلى معايير الجودة بالمشاركة مع أصحاب العمل،،
والمشاركة في البرامج الوطنية التي تتبنى نقل وتوطين التقنية وتوفير دعمها ودعم وتوجيه القطاع الخاص للاستثمار في مجال التدريب التقني والمهني، وتحقيق تميز في ذلك المجال بما يكفل الاستقلالية والاكتفاء الوطني الذاتي.
ومن هذا المنطلق تقدم المعاهد المهنية برامج تدريبية بفترات زمنية تتوافق مع مهارات التدريب ومستوياته والتأهيل وفقا لنظام المؤهلات المهنية السعودية، ومن البرامج التدريبية: ميكانيكا السيارات، التبريد والتكييف، الكهرباء العامة، السمكرة والدهان، الميكانيكا العامة، التمديدات الصحية، الطباعة، أشغال الألمنيوم، صيانة الآلات المكتبية، الحاسب الآلي، الحلاقة،الخياطة،التصوير الفوتوغرافي، الصفائح المعدنية، الديزل، الإنشاءات المعمارية.....، ويتم تغذية تلك البرامج من المتدربين غالبا من المتسربين من التعليم العام، ونظراً لكون التعليم قد تبنى مشروع التقويم المستمر في المرحلة الابتدائية حاليا، وفي الأعوام القليلة القادمة سوف تشمل المرحلة المتوسطة فنسبة التسرب سوف تكون قليلة للغاية ناهيك عن قرار مجلس الوزراء بإلزامية التعليم الأساسي كل ذلك يجعل الإقبال على تلك المعاهد في السنوات القادمة قليلة جدا مما يسبب عدم اقتصادية استغلالها ووجودها...إضافة إلى ذلك فإن هيكل أو هرم الموارد البشرية في عصر ما بعد الصناعة تغير نتيجة للتغيرات المتسارعة في العلم والتقنية حيث توضح وتؤكد الدراسات الحديثة أن التقنيين يشكلون حوالي (60%) من حجم الموارد البشرية في بعض التخصصات على حساب المهنيين التي قلت الحاجة إليهم نسبياً.(متطلبات إصلاح التعليم التقني بالوطن العربي، للأستاذ الدكتور محمد العزاوي)، إن تلك التغيرات تتطلب المسارعة في استحداث تخصصات جديدة ذات نوعية عالية ومطلوبة في سوق العمل، ومنها الاتصالات والحاسبات والميكروييف، والاتصالات البصرية، والميكاترونكس.... وغير ذلك من التخصصات التي لا تستطيع إمكانات المعاهد لدينا من تبنيها مما يستدعي ذلك إلى تولي جهة متخصصة أخرى من تلك المهام.
إن الكليات التقنية القائمة حاليا تقوم بجهود إدارية وتنظيمية وما يرتبط بها من الإجراءات المالية والمعلوماتية التي تمكنهم من طرح برامج التدريب لطلابها. هنا يمكن لنا التأكيد على أن هذه الكليات تستطيع أن تقدم برامج تدريبية إضافية لشرائح أخرى من المتدربين (متدربي المعاهد المهنية) بنفس الجهد المبذول، فما الذي يبرر إيجاد وحدات تدريبية مستقلة بطاقم إداري وفني وتكاليف إدارية باهظة!!، لا يقبل عليها في معظم الأحيان إلا المتعسرون في التعليم العام، علما بأن مراكز التدريب المهني يتكون من مدربين (ماجستير بنسب قليلة، بكالوريوس، دبلوم تقني، دبلوم مهني وفني) وموظفين (كاتب، عمال، حراس)، وأجهزة ومعدات ومبان، وبناء على ذلك فإني أرى دمج معاهد التدريب المهني تحت الكليات التقنية بحسب المدينة التي تتواجد فيها تلك المعاهد والكليات، ومثل هذا المشروع يمكن أن يغذي الكليات التقنية وخاصة الجديدة من الكوادر، كل فيما يخصه بالإضافة إلى مجالس المناطق التي تحتاج إلى كادر إداري وفني مؤهل، وعن أهداف هذا المشروع المقترح من الممكن أن نجمل عددا من الأهداف منها:
- إحداث التكامل فيما بين البرامج التدريبية من الناحية العلمية والإدارية والتنظيمية والمعلوماتية.
- إيجاد بيئة تدريبية تمكن من تطوير البرامج التدريبية الحالية نظراً لوجود طاقم علمي وتدريبي مؤهل في الكليات التقنية.
- إمكانية استحداث برامج جديدة ومتطورة كالإنتاج التلفزيوني والإعلام لما تملكه الكليات التقنية من إمكانات.
- تيسير عمليات التنسيق وانسيابية التعليمات والقرارات والمعلومات التي تخص تنفيذ البرامج التدريبية.
- رسم صورة ذهنية إيجابية لدى متدربي المعاهد المهنية نظرا لتلقيهم التدريب تحت نطاق الكليات التقنية.
- تجسير القنوات الملائمة التي تمكن متدربي البرامج الدبلوم المهني المميزين من إكمال دراستهم في برامج الدبلوم التقني.
- قبول طلاب برامج الدبلوم المهني يزيد أعدادا من المتدربين بحيث يتم تغطية النقص الذي يحدث في بعض السنوات في عدد من الكليات التقنية.
- يترتب على كل ما سبق طرحه تحقيق جوهري في تكاليف تنفيذ برامج التدريب التقني المهني.
- استغلال الطاقات البشرية والمادية أفضل استغلال.
- الاستمرار لتحقيق أهداف التدريب المهني وتغذية سوق العمل باحتياجاته من هذه الفئة.
- الوفرة الموجودة حالياً في الكليات التقنية بحيث تستطيع ترتيب برامج إسكان للطلبة المغتربين ونقل بعض منهم من وإلى مقرهم.
علماً بأن مثل هذه الفكرة تتشابه إلى حد كبير ببعض التجارب الدولية الرائدة كالتجربة الأسترالية مثلا، فالمتدربون في تلك الدول يتعلمون المناهج الفنية في بيئة تعَليمية ديناميكية توفر متدربين بمؤهلات أعلى، وأرى تطبيق تلك التجربة بإحدى المناطق كالقصيم أو جدة مثلاً، ومن ثم تعميمها على جميع المناطق، بعد استكمال تطبيقها وما يتطلبه في الجوانب الإدارية والمالية والتقنية والمعلوماتية.......
ومن هذا المنطلق ورغبة في استشعار المستقبل المهني للأجيال القادمة فإنه ينبغي علينا أن نطرح الحلول والفروض لحل المشكلة المتوقع حدوثها، ولذلك فإني أرى أن الكليات التقنية القائمة حالياً تزخر بإمكانات بشرية ومادية مكنتها وبكل اقتدار من إعداد وتنفيذ برامج تدريبية لمتدربيها تلامس الواقع الفعلي لحاجة السوق بدرجة جيدة، وهذا بالتالي يجعلها قادرة وبكل فاعلية على إعداد برامج تدريبية أخرى لشرائح من فئات المجتمع (مستوى برامج المعاهد المهنية مثلا)، فما الذي يبرر وجود وحدات تدريبية مستقلة بطاقم إداري وتعليمي، وتكاليف إضافية!، سؤال يبقى مطروحاً للمسؤولين في التدريب التقني، وهي خطوة تحتاج إلى دراسة وجرأة.
******
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7696 ثم أرسلها إلى الكود 82244
كاتب وأكاديمي سعودي
zeidlolo@hotmail.com