قال تعالى: {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
* لم يترك القرآن شاردة أو واردة، أو شأناً من شؤون حياتنا، أو دخيلة من دخائل نفوسنا إلا ولامسها وعرضها، تصريحاً أو تلميحاً، حقيقة أو مجازاً، أدرك ذلك من البشر من أدرك، وخفي ما خفي على بعضهم، كل حسب استطلاعه للنصوص واستقرائه، ودقة فطنته.
* ما سبق آية عظيمة من (القرآن الكريم) تسترعي الانتباه والوقوف، وتستحق التأمل والتدبر من المخلوقين. آيةٌ فيها حضٌّ واضحٌ على الحقيقة، ووعيد شديد على من يخالفها، أو يسعى إلى تزييفها، أو التدليس على الناس وتعميتهم.
* في مجتمعنا، وفي زمننا المعاصر ما أكثر أولئك النفر، وبخاصة المسؤولون تزدان مكاتبهم، ومنازلهم، ومجالسهم بالأوسمة النفيسة، وخطابات الشكر المزركشة، وعبارات الثناء والإطراء والمديح المنمّق. بحكم المكانة نسبت إليه الأعمال، وهي منه بريئة، وبحكم المكانة جيّرت له الجهود، وهو أجهل الناس بخطوطها العريضة. بحكم المكانة سلطت عليه الأضواء، وشخصت إليه الأبصار. من هذا الوهج، وذلك البريق كانت الجرأة فصادر حقوق الغير وسلبها، ومن هذا الاتجاه برزت الفردية والأنانية، وذابت شخصية الفريق وتلاشى التشكيل. في حالات كثيرة ينتابك الخجل إن كنت ذا إحساس رفيع، حين تلتفت عن يمينك أو عن شمالك، في مكتبك، أو مكتب غيرك، والناس بين غادٍ ورائح، فتجد أعمال غيرك، وقد نسبت لك. والناس يباركون من حولك بين شامت وجاهل للحقيقة والواقع.
* لا يُبتغى من (المسؤول) أن يصل بنفسه إلى درجة الإيثار، وتناسي صفة (الخصاصة) التي جبلت النفوس على التعلق بها، والتمسك بأسبابها، إنما المبتغى أن يربأ بنفسه على السطو والسرقة، وأن يبتعد كل البعد عن ادعاء الأعمال ونسبتها إليه وحده بشكل فاضح وصريح.
* بلاشك أن للقائد والمدير والرئيس الأثر الكبير في إثارة الدافعية للعمل، وحب الانتماء للمؤسسة، وبث روح الإبداع والابتكار بين أفراد المجموعة، ونفح القوة في عزائمهم، كي يخلق من أعضاء الفريق، ومن الصفوف الخلفية فيهم قيادات واعدة للمستقبل.
* من ينهض على أكتاف الآخرين، أو يحاول الصعود من خلالها هم أولئك المسؤولون الذين امتطوا صهوة القيادة، وتولوا دفة الإدارة من غير جدارة، أو تأهيل كامل، ومن هنا أتى الخلل في مفهومه للعمل الجمعي. ولا أحد ينكر أن بيئة العمل لدينا وآليات ترشيح القيادات وتدريبها وتأهيلها وتقييمها ساعد في إيجاد الخلل في بناء مثل هذه الشخصيات المتسلقة.
* تجاهل الذات مرٌّ، والأكثر مرارة منه أن يعيش الإنسان تحت طائلة الوعيد والتهديد، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. ا-هـ.
dr_alawees@hotmail.com