في حال سمحت السلطات للمرأة بالسياقة. ما الذي سيحدث؟ دعونا من الجدال الفكري والجدال الاجتماعي سنركز على قضية مادية تتصل بالأعباء التي سوف يتكبدها الآباء من جراء السماح للمرأة بالسياقة. هذه النظرة ليست متخيلة بل موجودة وتستحق التأمل كثيراً. تصور أب لديه ولد وبنت. سيضطر إذا سمحت السلطات للمرأة بالسياقة أن يشتري سيارتين بدلاً من واحدة. سيدفع مائتي ألف ريال لا مائة ألف كما يفعل الآن. الشيء الثاني والأهم أن الأولاد يذهبون ويستقلون عن آبائهم بينما تبقى البنات في البيت حتى يكتب الله لهن الزواج. الابن يمكن أن يشتري سيارة من مصاريفه الشخصية ولكن البنت ستبقى في كنف أبيها وتحت مسؤوليته. منطق واضح حجته منه وفيه. لا يحتاج إلى جدل ومناقشة. هذا الخطاب لا يتحرك منفرداً. تقويه عدة روافد.
جودة هذا الرأي لا تكمن في سياقه ولكن في الخطاب الذي ينتظمه. أقصد بالخطاب طريقة التفكير والتجربة الشخصية والمعايير التي يعتمدها هذا الرأي. ما تعود الإنسان عليه وما يراه أنه الصح. صاحب هذا الرأي يعتمد على أسس ينطلق منها. بدءاً من حس الأبوة. يعتقد أن كل إنسان يعتمد على أبيه. الثاني: أن المرأة يجب أن تعتمد على غيرها في حياتها. إذا لم يشترِ لها أبوها سيارة فهذا يعني أنها سوف تعتمد على زوجها. الثالث: لا يرى أن للمرأة استقلالاً مادياً وبالتالي لا ينظر إليها ككائن مستقل. يربط مصاريفها بآخر ( ذكر). الرابع: أن الأصل في حياة البنت أن تبقى في البيت في انتظار أن يأتي الزوج. مهما كبرت في داخل البيت ستبقى في حاجة لمن يصرف عليها وبالتالي السماح للمرأة بالسيارة هو عبء على الأب. هذا الخطاب الثقافي يصبح متماسكاً في عقل صاحبه ومنطقياً إذا رأى المرأة ملتحقة بآخر. إذا تجردت من فرديتها وإمكانية أن تكون مستقلة. لا قيمة للنساء اللاتي يملكن سيارتهن الشخصية والقادرات على امتلاك بيوت وحتى طائرات. مفهوم المرأة لديه أنها كائن اعتمادي يستند على غيره وتتجلى هذه الاعتمادية في شبكة المبادئ الأولية التي تعرف المرأة. تسمع من يقول وبقناعة المرأة ضعيفة المرأة عاطفية المرأة حيية الخ.
كثير من الحوارات الثقافية التي تدور على صفحات الجرائد هي أقرب إلى حوار الطرشان. تمايز الخطاب بين المطالب الثقافية التي ينطلق منها المتحاورون تواجه حلقة مفقودة. غيابها يولد التناقض. في السنوات العشرين الماضية مرت البلاد بظروف استثنائية على مستوى العالم العربي. غاب الجانب التنظيري من حياة الناس. صارت المجتمعات العربية إما تحت تأثير الدعاة التبشيري بخطابهم الماضوي أو تحت سلطة كتاب الجرائد ذوي الثقافات الضحلة. اختفت الجامعات من حياتنا فخفت التنوير والتغيير الفكري.
فاكس 4702164
YARA.BAKEET@GMAIL.COM