في آخر حديث بيني وبينها، قالت وهي تودعني، بصوت قوي وآمر مثلما اعتدته تماماً منذ طفولتي..
صوتها.. تلك المرأة القوية، البدوية النجدية، التي أفاخر صويحبات الدرس بأن أمي صديقة معلماتي، حيث يأتي إليها بعضهن يستشرنها في أمورهن، يجدن منها مثلما تجد كل نسوة الحي امرأة قوية في الحق، تساند الضعفاء وتقول للمخطئ أنت مخطئ بصوت مجلجل لا يدع مجالاً للشك أو التراجع..
** قالت لي وأنا أضع رأسها التي أشارت لي الممرضة بأن هذا الرأس (خسارة) يروح تراب، هذا عقل كبير!!
** وأنا أقرأ القرآن، وأمسح بيدي على موضع ألمها، ودمعي الساخن ينسكب.. ترمقني.. وتقول..
فاطمة..
قلت سمي..
قالت: عليك باثنتين لا تدعيهما ما حييتِ..
قلت: لبيكِ
قالت: زوجك عاقل أطيعيه على كل حال.. قلت: لكِ ذلك.. والثانية؟
قالت: الجريدة لا تتركيها.. قلت: وهذه لك أيضاً.
** في كل مرة تنجح الجزيرة، وتتقدم، أشعر أنها قراءة مستقبلية لزمن جميل تتحقق فيه أحلام كبيرة للجزيرة وكل من يعمل بها.
** ماذا يعني لكاتب أن تحقق صحيفته التي يكتب فيها ويطل من خلالها على الناس- ماذا يعني له أن تقفز مبيعاتها والاشتراكات فيها إلى المرتبة الأولى..
لا شك أنها تدفعه إلى الثقة بأنه يصل إلى أكبر شريحة ممكنة من القراء، ثم إنها تحمله مسؤولية في المشاركة الحقيقية في العملية الإنمائية والإثرائية لمجتمعه عبر نقله لآراء القراء أو عبر اقتراحاته واجتهاداته في إيجاد الحلول لمشكلات مجتمعه ووطنه.
** أهدتنا الجزيرة في خلافة خالد المالك الثانية منجزات عديدة، وما كانت سعادتنا نحن الجيل الذي لم نعرف خالد المالك في خلافته الأولى - إلا سعادة استبشارية حقيقية..
** لا أحب أن أجيّر النجاحات لشخص واحد، مثلما يفعله الآخرون تجاه وزارات أو جامعات أو غيرها..
أدرك أن الجهود والنجاحات هي حصيلة جهد جماعي وعمل مؤسسي مدروس وخطط قد يقترحها من لا يظهر في الصورة.. خاصة في الأعمال الحكومية التي يفترض أن تكون النجاحات فيها متراكمة تنفذ سياسات الدولة عبر خططها الخمسية المتتابعة!
** في مؤسسة الجزيرة للصحافة والنشر، ثمة استثناء، فخالد المالك تبنى وتحمس وراهن على مشاريع صحفية وعلى كفاءات وخاض معركة حقيقية مع الخسائر التي استقبلته لكنه قلبها وفي ما يقرب العشر سنوات إلى أرباح ونقل صحيفته من أدنى القائمة إلى أعلاها على الإطلاق..
** مثلما يستنشق البدو روائح المطر من على بعد أيام.. كانت الجزيرة حلماً باهظ العطرية.. ينفث رائحته من على بعد عشر سنوات.. تستدير له الرؤوس وتمطره العدسات بأضواء الدهشة والإعجاب!
fatemh2007@hotmail.com