الجزيرة - الرياض
تعد سوق الأوراق المالية السعودية من أبرز الأسواق العالمية من حيث عدد الطروحات الأولية، ففي عام 2007م تم طرح 26 شركة بقيمة إجمالية تقدر بـ18 مليار ريال، ومنذ بداية عام 2008م وحتى النصف الأول منه تم طرح 8 شركات بقيمة إجمالية تقدر بـ25 مليار ريال، كما احتلت المرتبة الثانية عالمياً بعد سوق نيويورك للأوراق المالية من حيث حجم ما تم طرحه في السوق خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري، متجاوزة بذلك ما تم طرحه في سوق لندن للأوراق المالية على سبيل المثال، إضافةً إلى أن الاكتتابات في الأسواق المالية تزيد فرص الاستثمار، وإن كانت لا تخلو من المخاطر كهبوط سعر السهم عن سعر الاكتتاب، وهو ما يمكن أن يحدث هذا في جميع الأسواق المتقدمة أو النامية.
إن تحديد السعر الأولي للطرح في المملكة يطبق معايير عالية، تستخدم في كثير من الدول المتقدمة، بالإضافة إلى معايير خاصة تضيف مزيداً من العدالة في تحديد السعر. حيث تمر عملية التحديد بعدة مراحل، تبدأ بتحليل الوضع المالي للشركة للوصول إلى أفضل مدى سعري للسهم، ومن ثم تتاح الفرصة لمجموعة من الشركات المالية المرخصة من قِبل هيئة السوق المالية بالمشاركة في بناء سجل أوامر الاكتتاب، وذلك بالمزايدة على سعر سهم الشركة في حدود المدى السعري المحدد مسبقا، ويتم الأخذ بالسعر الأكثر تغطية، مع العلم أن الشركات المزايدة في المملكة يجب أن تلتزم بدفع قيمة الطلب كاملة قبل معرفة عدد الأسهم، التي ستخصص لها في نهاية عملية بناء سجل أوامر الاكتتاب، بينما في بعض الدول لا تُلزم الشركات المزايدة بدفع كامل مبلغ الطلب أو جزء منه في عملية بناء سجل الأوامر.على الصعيد الدولي، فإن طرح شركات جديدة في أسواق الدول المتقدمة والنامية تتأثر بالعوامل الاقتصادية والسياسية المحيطة، وليس من الضروري ارتفاع سعر سهم الشركة بعد طرحها. حيث إن الكثير من الشركات التي أُدرجت أسهمها في الدول النامية هبطت قيمتها عن قيمة طرحها الأولية. ويعود ذلك إما إلى تأثر الشركة بالعوامل الاقتصادية الدولية أو الداخلية المحيطة بها أو لانخفاض أداء الشركة بشكل خاص بعد إدراجها.
ورغم أن عملية طرح أسهم شركات جديدة في السوق عملية لا تخلو من المخاطرة حتى في الأسواق العالمية المتقدمة، إلا أن المخاطرة تزداد في الأسواق النامية الأقل تنظيماً. فبالنظر إلى سوق الصين للأوراق المالية، نجد أنه تم طرح 247 للاكتتاب العام في عام 2007م تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 225 مليار ريال، انخفض سعر 128 من تلك الشركات عن سعر طرحها. وبمقارنة السوق الصينية مع بعض الأسواق النامية كسوقي الهند والبرازيل في نفس الفترة فلن نجدها أفضل حالاً من السوق الصينية، ففي الهند طُرح 102 شركة هبط أكثر من النصف عن سعرها بعد طرحها للتداول، وفي البرازيل هبطت أكثر من ثلثي الشركات المطروحة عن سعرها بعد التداول.
في المقابل نجد أنه لم تهبط سوى شركة واحدة عن سعر اكتتابها الأصلي في السوق المالية السعودية، إذا أخذنا بالاعتبار جميع قرارات تخصيصات الأرباح النقدية ورفع رأس المال التي اتخذتها الشركات المدرجة في العامين 2007م و2008م، مع مراعاة أن قيمة السهم بعد الطرح تتأثر إذا قامت الشركة بتوزيع أرباح نقدية أو رفع رأس المال، لأن قيام الشركة بتوزيع الأرباح يعتبر عائدا استثماريا من قيمة السهم، وزيادة الشركة لرأس مالها يزيد من عدد أسهم المستثمر ويقلل من قيمتها ليبقى مجمل الاستثمار ثابتاً، وبالتالي فإن أي مبلغ تم استثماره في الاكتتابات الأولية للشركات المدرجة لم تقل عن قيمتها الأصلية.
إن تطبيق السوق السعودية لمعايير عالمية عالية المستوى في أنظمتها مع تحديثها باستمرار تزامناً مع تطورها وتقدمها يحافظ على استقرارية السوق وعلى أسعار اكتتاب مناسبة. ومع هبوط معظم أسعار أسهم الشركات المدرجة في أسواق دول العالم النامية، فإنه على النقيض تبقى أسعار الأسهم في السوق السعودية أعلى من مستوى طرحها. وتقوم هيئة السوق المالية دائما بحث المستثمرين على قراءة نشرات الإصدار للشركات قبل اتخاذ قرار الاستثمار في أي شركة يتم إدراجها بالسوق.