لست خبيراً فلكياً ولا حتى من أولئك الذين يهتمون بهذا العلم ويتابعون أخباره فضلاً عن أن أكون مختصاً أو مولعاً بقراءة ما يكتب فيه، ولذا لا أملك التصديق أو التكذيب لعنوان هذه المقالة، والقصة باختصار أن هناك رسالة وصلتني من زميل عزيز عن طريق البريد الإلكتروني، توقفت عندها كثيراً وأخبرت بها عدداً من الأصدقاء والزملاء سائلاً ومتعجباً ومحاولاً قراءة ردود الفعل..
حول هذا الخبر الذي لم أسمعه ولم أقرأه ولم يصلني إلا من هذا الطريق فهو أحاد سنداً ومتناً.. عنوان هذه الرسالة (خبر عاجل وخطير: الشمس ستطلع من مغربها على المريخ طوال شهر سبتمبر 2008!!) ونص الخبر الذي وصف بهاتين الصفتين: (ذكر علماء الفلك أن كوكب المريخ قد تباطأت سرعته في الاتجاه الشرقي في الأسابيع القليلة الماضية حتى وصل إلى مرحلة التذبذب ما بين الشرق والغرب. وفي يوم الأربعاء 30 يوليو ستتوقف حركة المريخ عن السير في الاتجاه الشرقي!! ومع بداية شهر أغسطس القادم سيتحول المريخ بالانطلاق بشكل عكسي نحو الغرب، ويظل على هذه الحال حتى نهاية شهر سبتمبر.. وذلك يعني أن الشمس ستشرق من مغربها على المريخ في غضون الأيام القليلة القادمة!! وهذه الظاهرة العجيبة تسمى: retrograde motion أو الحركة العكسية.. ويقول علماء الفلك أهل الخبرة والاختصاص - وهذا هو الشاهد - أن كل الكواكب سوف تحدث لها هذه الظاهرة مرة على الأقل!! ومن بينها كوكبنا (كوكب الأرض)!! والمصدر لهذا الخبر - كما تذكر الرسالة - الموقع الأمريكي المتخصص (www.space. Com) ويمكن الاستزادة عن هذا الموضوع في موقع آخر من المواقع العلمية المتخصصة المعروفة ألا وهو.. (www.msnbc. msn.com) وجاءت ردود الفعل وكيفية استقبال هذا الخبر ووجهات النظر حوله من قبل من طرحت عليهم الموضوع بكل تفاصليه مع زيادة وحواش فرضتها ضرورة التقريب ووجود المدخل المناسب، جاءت متباينة تباين المشرقين عن المغربين!! إذ إن هناك من جزم بصحة الخبر وظهرت على ملامح وجهه مشاعر الخوف من دنو الساعة وقربها، ولخص كل هذا بكلمة تقال في مقام التوجع والخوف والوجل (يا قردنا)، وهناك من لم يكترث بما سمع ولم يصدق ما أنقل له، فالخبر عنده مجرد احتمالات هي في نظره بعيدة جداً وإن حدث مثل هذا الحدث الكوني فهي لا تعني له شيئاً، ومن بين هؤلاء أحد الأصدقاء الذي رد بكلمة عامية صرفة (خوش!!)، وآخر قال بالحرف الواحد: (يا رجال..كل يوم مطلعين لنا تقلعية عشان يخوّفوننا!!) وهذا من أولئك الذين سربلتهم نظرية المؤامرة من أخمص أقدامهم حتى مفارق رؤوسهم، ورابع فتح لي محاضرة قيمة بحق، ذكّرني ومن معي بعلامات الساعة وإقفال باب التوبة حين تطلع الشمس من مغربها، وذكر صاحبنا هذا في ثنايا حديثه الموثق بالدليل أن الشمس تستأذن ربها في كل يوم تشرق فيه فيأذن لها بالخروج من المشرق حتى يأتي ذلك اليوم فيأمرها الله عزَّ وجلَّ أن تخرج من مغربها، كما أشار إلى أن علماء الأمة ذكروا أن الشمس حين تشرق من مغربها تعود بعد ذلك لتشرق من المشرق كما كانت تشرق من قبل وهذا هو منطوق ما قاله علماء الفلك في هذا الخبر.. وكنا في نهاية الأسبوع الماضي في جلسة انتظار طويلة وفي ثنايا الحديث وذكر الأحداث والأخبار والقصص التي نُقطع بها الوقت ذكرت هذا الخبر عرضاً ولمعرفة ما يُظن حوله، فقال أحد الحاضرين - والذي تظهر عليه ملامح الثراء ويملك منطقاً متميزاً ينم عن ثقافة واسعة - قال إن مثل هذه الأخبار تصدر بين الحين والآخر، لتسويق المشاريع العلمية وادعاء وصول الباحثين المختصين لحقائق جديدة مهمة حتى تنال مراكز الأبحاث الدعم والتشجيع، فهذا الخبر سبق - كما يقول هو - أن أشيع في أوائل الثمانينيات الميلادية وكتبت عنه بعض الصحف السعودية، وسمع هو في مطلع التسعينيات هذا الخبر بنصه.. وها هو اليوم يعود مرة ثالثة وكل ذلك - في ظنه - مجرد تخمين لا أصل له ولا صحة لحدوثه والله هو وحده الذي يعلم متى حدوث هذه الأحداث الكونية الضخمة وكيف ستحدث، أما هؤلاء الباحثون فلا علم لهم وما يقولونه مجرد تخمين، هذا ما قاله عدد ممن قابلت حول هذا الخبر الفلكي الغريب، فماذا تقول أنت؟ وماذا يعني لك هذا الحدث إن كنت تعتقد صحته؟ أما عني فإنني - كما قلت في مطلع هذا المقال - أتوقف وليس لي التصديق أو التكذيب لأنني لا ملك الدليل على الإثبات وليس عندي برهان أبني عليه النفي، ولكنني أؤمن قطعاً بأن الشمس ستخرج من مغربها في يوم ما.. والمهم في نظري ماذا أعددنا لما أمامنا من أهوال ومخاوف حذّرنا منها ديننا الحنيف ومن بينها قيام الساعة والتي تسبقها علامات (وخروج الشمس من مغربها).