بعد ثلاث جولات من المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل في ضيافة الوسيط التركي، تشجعت تل أبيب وأخذت تطالب بتحويل هذه المفاوضات إلى لقاءات مباشرة، حيث كانت تلك المفاوضات تجري في فندقين متجاورين بمدينة أسطنبول في تركيا، حيث يقيم الوفدان السوري والإسرائيلي، ويقوم الوسطاء الأتراك بنقل الآراء والمقترحات والردود، والمفاوضات حسب ما أفاد الأتراك بأنها حققت نتائج إيجابية، إلا أنها لم تصل إلى الدرجة التي تكفي لتحويلها إلى مفاوضات مباشرة، حيث يرى السوريون بأنه من السابق لأوانه الحديث عن مفاوضات سلام مباشرة مع إسرائيل بناء لرغبة رئيس الحكومة الإسرائيلية أيهود أولمرت.
الرغبة الإسرائيلية والتمنع السوري جعل المتابعون لهذه المفاوضات يخضعون مواقف الأطراف الثلاثة سورية، إسرائيل، تركيا تحت مجهر التحليل، لمعرفة هذه المواقف، هل هي مواقف إستراتيجية، أو مواقف تكتيكية؟.
بمعنى هل تسعى إسرائيل وسورية من وراء هذه المواقف تحقيق السلام فعلاً وفق معادلة، الانسحاب من هضبة الجولان، مقابل عقد اتفاقية سلام بين دمشق وتل أبيب؟. أم أن كلاً من الطرفين يسعى لتحقيق أهداف تخدم مصالح النظامين، فأولمرت الذي يواجه تحقيقات ومصاعب مع أعضاء حكومته وحتى أعضاء حزبه يسعى من خلال مواصلة المفاوضات ونقلها إلى مفاوضات مباشرة إلى كسب تأييد شعبي يعينه على مواجهة المتمردين من وزراء حكومة وأعضاء حزبه، خصوصاً بعد ارتفاع معدل شعبيته بعد الكشف عن المفاوضات مع سورية.
أما دمشق فتسعى من خلال استمرار المفاوضات إلى فك الحصار الدبلوماسي والعزلة التي يعمل الأمريكيون على فرضها على سورية، ومجاراة رغبة إسرائيل وحماس تركيا لتوفير نوافذ لتحقيق انفراج دبلوماسي لسورية.
وبعد عرض ما ستحصل عليه تل أبيب ودمشق من هذه المفاوضات فإن المحللين يرون أن الهدف التكتيكي لدى الإسرائيليين مرجح أكثر، في حين يعمل السوريون فعلاً لتفعيل المفاوضات من أجل تحقيق الهدف الاستراتيجي الذي يسعون إليه وهو إعادة أراضيهم المحتلة، خصوصاً وأنهم يرفعون شعار (السلام خيار استراتيجي) ولكن ليس بالثمن الذي يطلبه الإسرائيليون..!!