Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/07/2008 G Issue 13065
الأحد 03 رجب 1429   العدد  13065
لما هو آت
فأطلقوه بثراء...!
د. خيرية إبراهيم السقاف

يدهشني القاموس العربي الحديث...

لأنه في منأى عن اللسان العربي الحديث...!!

فحين ننظر إلى اللغة بوصفها رموزاً تتفق على تكوين كلماتها الجماعات ..ويقرون دلالاتها باستخدامها للتفاهم فيما بينهم وللتعبير عن حاجاتهم وأغراضهم...وتمثيل مشاعرهم وقناعاتهم ...وحججهم ومنطقهم...ببعد أعمق وأشمل.., نجد أن قاموسها قد توقفت عند مرحلة لم تواكب ما استجد على لسان العرب من تعابير بكلمات وجمل وتراكيب جاءت مع موجات بحر التغيير والاتصال بالثقافات الأخرى والمعارف الحديثة الطارئة بل الثابتة في حياة الناس تعلماً واستهلاكاً وفكراً ومنجزات...

وكثيراً ما عقدت ولا تزال تعقد اللقاءات للتقريب بين (الأنا) والآخر..

ووضعت المصنفات التي لا تحصى في مقالات عابرة أو أوراق عمل لمناسبتها أو بحث يتغلغل في نسيج تركيبة المجتمعات والأنساق التي انبسطت لتتمازج بمستجدات في المعاش اليومي ...أو البنية المستديمة أو المرحلة الفاصلة بين ما يبقى من خصوصية ...وما يمكن التنازل عنه ...أو ما يمكن تحديثه,...

وترك القاموس على وجهه القديم وبخماره العتيق....

فإن اجتهد نفر ما بإضافة كان كمن يجدف في منطقة نائية مسيجة ممنوع الوصول إليها...

وإن فعل ربانيوها في مجمعها فهم كمن يتحدث إلى نفسه...

واللغة للتداول وليس للصدور أو السطور أو الاختصاص المحصور...

اللغة لكل من يتحدث بلسانها...وقد وسمت العروق بها...

ومع أن كل ما يدون الآن في سطور موسومة بالأدب أو المعارف المختلفة أو الموضوعات العلمية البحتة أو الاقتصادية السائدة أو السياسية أيضاً كذلك في مجالات الفنون والسياحة والاجتماع فإن هناك كلمات حديثة طرأت لابد من الاعتراف بها والاتفاق على قبولها ...بعضها منقول بالاستخدام... مندمج في اللسان بالضرورة المعاشية... فرضته اللغات المهيمنة على التجارة والعلم والصناعة والتكنولوجيا ....وبعضها عن تمازج اللهجات ...وآخر عن موارد الفنون والآداب والسينما والفضاء الإلكتروني... مما يدعو اللغويين العرب لأن يستسلموا لضرورة احتوائها....

فينهضوا لتحديث القاموس العربي ...تحديثاً يليق بالعقل البشري....

ويواكب احتياجات طوارئ المتغيرات...

ولست أهدف من ذلك التخلي عن القاموس العربي بل أؤكد على ضرورة توسيع الاستخدام لأكبر قدر من كلمات هذا القاموس تلك التي لم تعد من الإتاحة بمكان بحيث يأتيك في كل يوم طالب أو طالبة يسألانك عن معنى كلمة وهي في حكم الكلمات التي يفترض أن لا تغيب عن الاستخدام الدائم... وتلك مهمة التعليم في جميع مراحله...

مما يدل على أن العربية مهجورة تماماً بين أهلها الذين يجهلون استخدام قاموسها...

فكيف لا يعجزون عن تطويره.....؟

إن الواقع يفرض أن نزيل الأتربة عن هذا القاموس... وأن ننزله من الرَّف الأثري...

وأن نجعل له قدمين يتحرك بهما بيننا في كل مكان...ولكل الأغراض...

ما أمتعه حين يستجيب لحياتنا في مجالاتها المختلفة ..لا تعصى مفرداته على أمر لنا...

ولا يغفل عنا جديد ممارساً على ألسنتنا...؟

وكأننا أمة هون كلما هبّت علينا ريح صفعتنا بترابها...



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد