لو أصغيتم بآذانكم في سجو الليالي وفي هدوات الأسحار، لسمعتم هتاف الوطنية وحب التراب والأرض وهم ينادونكم قائلين: انتظرناكم طويلاً... سألنا عنكم الغادين والرائحين.
جئتم إلى مواقعكم رافعين هاماتكم فوق الأعالي، فأنتم أصحاب المعالي وأنتم سفراء الحاكم لخدمة المواطن، لقد اجتزتم بوابة النجاح وأنتم جديرون باجتيازها، وتتأكد جدارتكم حينما ترجون الأرض بهتافكم ضد الغلاء، وتهزون الأبواب الموصدة في وجوه التاجر الجشع إن وجد، فمن أدرك الطريق وطرقها وهزها ورجها فتحت له ولو بعد حين.
لا تقولوا: ما نحن؟ ومن نحن؟ وأنى لنا أن نعيد الأسعار لمكانها الطبيعي؟ وبماذا نشق الأرض ولا رفش ولا محراث؟ ونحن نقول لكم: إن عز المحراث فلتكن أظافركم هي المحراث الذي به تحرثون، وإن عز الرفش فلتكن أسنانكم هي الرفش الذي به تحفرون، هاهي فرصتكم كي تثبتوا لولي الأمر كيف كان اختياره صائباً، وحدسه غير خائب وإيمانه بقدراتكم سائراً.
ولأنكم تحبون بلدكم الذي مَنّ عليكم بالخير الوفير بكل حبة من قلوبكم... فليكن همكم به فوق كل هَمّ، ومحبته فوق كل محبة، فإذا أحببتموه سهل عليكم ما تلقونه في سبيله من متاعب ومشقات، وسهلت عليكم التضحيات.
يقال: إنَّ البلبل إذا تعشق وردة وأراد أن يغنيها حبه غرز شوكتها في صدره وشرع يغني لها أشجى ألحانه وأعذبها. وأنتم كذلك يا أصحاب المعالي دعوا بلابل الإخلاص في صدوركم تغني أعذب الألحان رغم ما يوخز صدوركم من أشواكها؛ فهي وردتكم التي يهون كل شيء من أجل أن تسمع عنكم وتصغي إليكم، وهي الماسة المتلألئة في تاج جمالها، لكنها تتأبى عمن يرومها إلا المحبين الذين يشفع لهم عندها إخلاصهم في حبها وهداياهم إليها، وهل من هدية هي أثمن من الإيمان الذي تقدمونه إليها وتحبونها به؟
dr.aobaid@gmail.com