الجزيرة - سلطان المواش
أكد عدد من المسؤولين والأكاديميين على مناسبة تحويل الكليات التقنية إلى جامعة متخصصة قياساً بتجربة الدول المتقدمة وإلحاقها بركب الجامعات السعودية تحت مظلة وزارة التعليم العالي.
وقدم كل من نائب وزير العمل ووكيل الوزارة ورئيس الغرفة التجارية بالرياض وأساتذة بجامعتي الملك سعود والإمام محمد بن سعود ل(الجزيرة) عدداً من الرؤى والأطروحات حول عملية ضم الكليات التقنية والصحية لركب الجامعات السعودية بهدف تطويرها وتغيير ثقافة المجتمع التي ترفضها بحكم وجودها خارج نطاق الجامعة. ودعوا إلى ضرورة تنسيق قبول مخرجات التعليم الثانوي عبر قناة واحدة لاستيعابها وتوزيعها بشكل يخدم خطط التنمية في المملكة.
وفيما يلي الرصد الذي أجرته الجزيرة:
د. عبد الواحد الحميد:
** يؤكد نائب وزير العمل الدكتور عبد الواحد الحميد أن هناك لجنة وزارية للتنظيم الإداري تتولى دراسة هذه الأوضاع بشكل جدي، وهناك فريق متخصص يبحث في قضايا عملية الضم أو التبعية.
ويرى د. الحميد أن النقطة الأهم في هذا المحور هو أن نولي الطالب في المرحلة الثانوية (قبلها أو خلالها) جزءاً من الاهتمام المهني، ونمنح مفهوم (تمهين التعليم) حزءاً واسعاً من الاهتمام.
ويقول.. إن الطالب الذي يكمل المرحلة الثانوية ويخرج إلى سوق العمل مباشرة سيجد صعوبة كبيرة في ذلك لأنه لا يمتلك من المهارات المهنية التي تلائم سوق العمل، ولنا أن نعلم أن 86% تقريباً من العاطلين هم من فئة ما دون التعليم الجامعي. وهؤلاء مشكلتهم أنهم لم يجدوا مناهج تركز على المهارات خلال فترة دراستهم الثانوية بقدر ما كانت المناهج عبارة عن معلومات تلقن لهم فقط.
ويضيف نائب وزير العمل قائلاً:
ولو عدنا لقضية التبعية والضم لبعض الكليات التقنية والمهنية، فيجب أن نكون على بينة بعدة قضايا، فهل يراد لهذه الكليات تطوير مهني وتدريبي بحت، وهنا تكون أقرب للمؤسسة العامة للتدريب فهي المعنية بشكل أساسي. وإذا ما أريد لها التطوير الأكاديمي والجامعي العالي فقد يكون من الأفضل ضمها لوزارة التعليم العالي.
إلا أنني أعيد وأطالب بعدم إغفال مرحلة التعليم العام وضرورة وجود جرعات تكسب الطلاب مهارات مهنية خلال دراستهم الثانوية، وتساعدهم في تحديد توجهاتهم المستقبلية دون مشكلات.
وأوضح د. عبد الواحد الحميد في هذا الصدد أن مسمى الكليات المهنية تغير وأصبحت كليات تقنية وأصبح هناك توسيع في مجالات ودخلت في شراكات مباشرة مع القطاع الخاص لإعطاء المتدربين فرصة للتدريب على الأرض والواقع.
د. مفرج الحقباني:
** يؤكد وكيل وزارة العمل للتخطيط الدكتور مفرج الحقباني أن أجهزة الدولة بمختلف فروعها تقوم بأدوار فاعلة في هذا الجانب وتؤدي مهامها بشكل جيد تنفيذاً لتوجيهات القيادة الرشيدة ببناء المواطن وتنميته.
ويضيف: (من وجهة نظري الشخصية) أن ضم الكليات التقنية والصحية لوزارة التعليم العالي أسوة بكليات المعلمين وكليات البنات يعد ظاهرة صحية. وهذا ليس انقاصاً أو تقليلاً من جهود الأجهزة والمؤسسات التي تقوم عليها وإنما بهدف توحيد وتقوية جميع مخرجات التعليم الثانوي وتركيز الجهود في مصب تنموي واحد.
وقال د. مفرج الحقباني إن المنطق يقول إن على الشباب السعودي في المرحلة المقبلة التركيز على الجوانب التقنية والفنية المهنية والوظائف المتوسطة والعادية لسد العجز الواضح في هذه المجالات.
وأضاف.. إن ضم الكليات التقنية وتحويلها إلى (جامعة) سيرفع من نسبة حجم الإقبال عليها ويمنحها بعداً أكاديمياً.
عبدالرحمن الجريسي
يرى الأستاذ عبدالرحمن الجريسي رئيس الغرفة التجارية الصناعية بمدينة الرياض أن تحويل الكليات والمعاهد المهنية والفنية إلى جامعة كبرى للتقنية مظهر حضاري متقدم يحدث في الدول المتقدمة.
وقال.. إن توحيد هذه المعاهد والكليات إلى مظلة وزارة التعليم العالي يمنحها بُعداً أكاديمياً راقياً ويجذب المئات من الشباب باعتبارها أصبحت شأنها شأن الجامعات وبالتالي تغير المفهوم السائد القديم نحوها.
وحول عملية ضم الكليات الصحية والتقنية القائمة حالياً لوزارة التعليم العالي، أوضح أن الأهم تحديداً رؤية هل الخريجون من هذه الكليات سيتوجهون مباشرة للقطاعات المشرفة على هذه الكليات، أم سيجدون أنفسهم وحيدين وبالتالي فعليهم البحث عن وظائف ملائمة لهم.
الدكتور علي القرني
يشير الدكتور علي بن شويل القرني الأستاذ بجامعة الملك سعود أن ربط هذه الكليات المهنية والتقنية والصحية بوزارة التعليم العالي من شأنه أن يضخم أعداد الكليات المرتبطة بالوزارة وبالتالي فهي تحتاج إلى هيكلية ضخمة جداً بعد أن ترتبط فيها كل الكليات الموجودة في المملكة. وهذا من شأنه أن يصعب مهمة وأداء التعليم العالي بالشكل المطلوب.
ولكن الأهم هو أن يجمع كل هذه الكليات في جامعة واحدة مثل ما هو مقترح لتصبح الجامعة التطبيقية وتصبح هذه الكليات في هذه الجامعة ويصبح فيه خصوصية لكل الكليات المرتبطة بهذه الجامعة ويكون لها كليات على مستوى المملكة من شأنها ارتباطها جميعها داخل جامعة واحدة.
ودعا الدكتور القرني لأن يكون هناك برامج إعلامية توعوية كبيرة جداً داخل المجتمع لشرح أهداف هذه الكليات والمعاهد وأهميتها على مستوى سوق العمل، وأيضاً تشجيع الشباب للانخراط فيها وربطها بمؤسسات وطنية وشركات وطنية كبرى حتى يصبح العمل متاحاً بشكل سريع بالنسبة لخريجي هذه الكليات. موضحاً أنه بالنسبة لما يتعلق بتفوق هذه البرامج يمكن لوزارة التعليم العالي والجامعات القائمة حالياً أن تساعد في عملية تطوير البرامج الأكاديمية لهذه الكلية من خلال تشكيل لجان وفرق عمل متخصصة تساعد هذه الكليات على إعادة بناء وهيكلة مخصصاتها الأكاديمية وتطوير الجودة في المخرجات وتحسين الأداء الإداري في هذه الكليات.
وقال إنه يمكن للمعاهد أن تأخذ مظلة واحدة وهي فكرة الجامعة التطبيقية ونظام الجامعات ليس شرطاً أن تكون وحداتها الأساسية كليات بل يمكن أن تكون معاهد ومراكز ويمكن أن تتحول إلى جامعة تطبيقية في المملكة وتنضم إليها كل هذه المراكز وتصبح هناك إدارة واحدة لها وتبادل الخبرات الموجودة في المراكز والمعاهد وتصبح لها إدارة مركزية ويمكن لها هذا التبني.
وأضاف د. القرني يقول: أما بالنسبة للكليات الصحية فإذا ربطنا كل الكليات الصحية بالجامعات (الكليات الصحية التابعة لوزارة الصحة) فإنها تصبح تحت مظلة الجامعة الصحية أو أي جامعة بمسمى (جامعة التخصصات الصحية)، حيث إن الكليات والمعاهد الصحية لا يوجد إدارة مركزية لها ولو ارتبطت كلها في جهة مركزية ربما أنها تحسّن من أدائها ويصبح هناك تبادل لخبرات مشتركة وتطوير المخرجات والاستعانة في هذا الخصوص بكليات الطب في الجامعات الأم بالمملكة لعرض خبراتها في هذا المجال.
د. إبراهيم الجوير
أما الدكتور إبراهيم الجوير الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فيقول: هناك مفهوم منتشر في السابق ولكنه (مفهوم غير دقيق وغير صحيح)، وهو أن الشباب السعودي يرفض الدخول في المجالات التقنية والتعليم المهني. فالصورة التي تقول أن الشباب السعودي لا يقبل على مثل هذه التخصصات فهذه من المقولات التي ظهرت في وقت من الأوقات وأخذنا نرددها دون أن نتحقق من صحة هذا الفرض علمياً وإحصائياً. موضحاً أن الشباب السعودي من طبيعته يحتاج للقدر الكافي من المسؤولية ومن المحفزات ومن الأمان الوظيفي لينتج ويعمل، وما أدل على ذلك من كثير من المؤسسات القوية والمصانع والبنوك والشركات وغيرها التي أثبتت الشباب السعودي فيها مسؤوليته وقدرته وإخلاصه وتفاعله.
وأوضح د. الجوير أن مسألة ضم وإلحاق هذه الكليات تحت مظلة واحدة فتلك أمور تنظيمية لكن التبعية فيما بعد تبعية العمل لا تعني بالضرورة تبعية الدراسة، فهناك التعليم العام يخرّج مئات الآلاف من الطلاب والطالبات ثم الجامعات والتعليم العالي يؤهل الطلاب لمزيد من التعليم والتحصيل ثم تستقدمهم الجهات التي توظفهم سواء في وزارة الصحة أو وزارة العمل أو أي جهات أخرى.
ومضى يقول: إن بعض الناس يتصور أن خريج الجامعة أو الكلية التقنية أو المعهد الفني أو المعهد المهني أو المركز التدريبي غير مؤهل 100% للقيام بالعمل المناط به بالذات بعد تخرجه، وهذا مفهوم خاطئ، فالجامعة أو الكلية أو المعهد والمركز التدريبي وغيره يعد هذا الخريج ليكون قابلاً لمزيد من التأهيل ومزيد من التدريب، والتدريب على رأس العمل هو أهم نقطة في التدريب في تصوري، ومن هنا فإن الكثير من التخصصات تؤهل الفرد ليكون قابلاً ويكون عنده العقلية للاستيعاب والتحكم والتبصر والإدراك الذي يؤهله لمزيد من العطاء للعمل الدقيق الذي سيسند إليه وسيتدرب عليه من خلال العمل، وكثير من العمالة الوافدة التي جاءت إلى بلادنا لم تكن مؤهلة لذات العمل الذي تعمل فيه وإنما أتيح لها فرصة التدرب والتعلم والتثقف وإجادة هذه المهنة من خلال الممارسة التطبيقية العملية.