«الجزيرة» - الرياض
كشفت دراسة بأن الأرقام الرسمية لتكاليف المعيشة لا تعكس المعدلات الحقيقية للتضخم لأن بعض السلع والخدمات ضمن السلة المختارة للقياس مدعومة من الدولة، كما أنها تتضمن سلعاً لا تشمل أسبقيات المستهلك العادي الذي تركز عليه الدراسة. واعتبرت الدراسة التي أعدها معهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات الاستشارية ضمن مؤشراتها الأولية أن هناك ثلاث خدمات تقوم مقام القاطرة في إحداث ظاهرة التضخم وهي السكن، الغذاء، والعمالة.
ودعا المشاركون إلى ضرورة إعطاء مزيد من التركيز على البعد الاجتماعي للتضخم بالإضافة إلى الأبعاد الاقتصادية حيث إن الأفراد يميلون دائماً إلى تكييف منصرفاتهم على أساس نسبة التضخم وهذا هو المنفذ الذي تتسلل منه الأبعاد الاجتماعية للظاهرة.
وكانت الأمانة العامة لمنتدى الرياض الاقتصادي ومعهد الملك عبد الله قد اختتما الحلقات العلمية الثلاث التي انتظمت بكل من الغرف التجارية الصناعية بجدة والمنطقة الشرقية ثم الرياض، وناقشت النتائج الأولية التي توصلت لها الدراسة التي ينفذها المعهد بتكليف من المنتدى حول خلفيات وأسباب ظاهرة التضخم وارتفاع الأسعار في المملكة وهو المشروع الذي يتبناه المنتدى بتكليف من مجلس الغرف السعودية وغرف الرياض، جدة، والمنطقة الشرقية.
وتميزت الحلقات بحضور بارز من النخب الفكرية والاقتصادية من الأكاديميين والخبراء في عدد من المراكز والهيئات ذات الصلة إلى جانب نخبة من رجال الأعمال من ذوي الحضور والخبرة في التحليل والاستخلاص بالإضافة إلى فريق الدراسة التابع للمعهد وفريق مماثل من الأمانة العامة للمنتدى.
وقدم رئيس فريق الدراسة الدكتور خالد القدير عرضاً للمؤشرات العامة للدراسة في كل حلقة من الحلقات الثلاث، اشتمل على الإطار العام لمشكلة الدراسة وأهدافها وتوصيفها لظاهرة التضخم وأسبابها ومعدلاتها والآثار الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة للتضخم الراهن مما أدى إلى ارتفاع نسبة الاقتراض إلى نحو 53%.
ودارت مناقشات ثرية خلال الجلسات حول المنطلقات التي بنيت عليها فرضيات الدراسة وبالأخص الجوانب التي تناولت البعد الاجتماعي للتضخم حيث أشارت المداخلات إلى أن أكثر الجوانب السالبة في ظاهرة التضخم أنها تؤدي إلى تآكل الطبقة الوسطى في المجتمع، حيث أشارت إلى أن 30% من المشاركين في الدراسة الاستبيانية يعتقدون بأن التضخم الحالي قد وصل إلى أكثر من 25 %.
وأوضح أمين عام المنتدى د. محمد بن حمد الكثيري، أن بيئة النقاش في الحلقات الثلاث قد حفلت بثراء نوعي وعددي حيث شارك في كل حلقة عشرات من المختصين والمحللين الأكفاء مما ساهم في إثراء الدراسة وإضفاء البعد المنهجي الذي يتبعه المنتدى في كافة أعماله.
وأضاف: الدراسة ستصطحب بالضرورة كافة المعالجات والمبادرات التي أعلنتها وطبقتها الدولة خلال الفترة الماضية مما كان لها أثر واضح في تعديل بعض مؤشرات الأسعار والتخفيف من حدتها وغلوها. يذكر أن الدراسة قد استرشدت بتجارب بعض الدول التي طبقت معالجات لظواهر التضخم فيها وهي: شيلي، الفلبين، تركيا، الكويت، والإمارات وكل دولة منها قد طبقت سياسة تختلف عما طبقتها الأخرى، وقد اختيرت هذه التجارب لاستخلاص الدروس الملائمة لظاهرة التضخم في المملكة.
وقال الدكتور حمد آل الشيخ عميد معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية: إن هدفنا المشترك هو أن نوظف المعرفة في حل كل الظواهر والقضايا لأننا نؤمن بأن المعرفة هي أساس كل نجاح، وقال: إن لدى المعهد القدرة على تنفيذ الدراسات في كل التخصصات بما لديه من الخبراء والعلماء في هذه المجالات، مشيراً إلى أن هذه الدراسة تمثل أهمية خاصة باعتبارها تبحث وتعالج واحدة من أهم الظواهر الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وهي ثمرة لتعاون وتلاحم بين المؤسسات العلمية والبحثية والقطاع الخاص للتعمق في مشاكل المجتمع وطرح الحلول.
وشرح د. الكثيري الخلفيات والمنطلقات التي نبعت منها فكرة الدراسة، فقال: إنها محصلة لتوصية ورشة العمل التي نظمتها أمانة المنتدى بناء على توصية من مجلس الغرف السعودية والغرف الرئيسة للاستفادة من المنهجية الناجحة التي يتبعها المنتدى في دراساته لإعداد دراسة لظاهرة التضخم وهي منهجية تقوم على إشراك قاعدة واسعة من الاختصاصيين عبر عقد ورش عمل وحلقات نقاش تواكب مراحل إعداد الدراسة علماً بأن المنتدى سوف ينظم ورشة عمل أخيرة لدراسة التضخم سوف تكرس لمناقشة النتائج الأخيرة التي تتوصل إليها قبل إعلانها للرأي العام ورفع توصياتها لجهات الاختصاص العليا.