في ظل طلسمة المفاهيم وتذويب المبادئ الإنسانية وتسييس القضايا الحقوقية أصبح من شبه المحال أن تنتصر المرأة في قضاياها أمام الرجل، إذ لا أمل يلوح في الأفق يمكن من خلاله استشفاف أن وضع المرأة في العالم سيكون أفضل حالا مما هو عليه الآن، منذ عام 1945م، العام الذي أقرت فيه الأمم المتحدة أول ميثاق ينص على تساوي حقوق المرأة مع حقوق الرجل، والمرأة تكابد الأمرين في سبيل الحصول على هذه المساواة، ومهما حاول رجال العالم إقناعنا بإيمانهم بقدرات المرأة وحقوقها فإنه يظل إيمانا منقوصا ينكسر فور اصطدامه بأرض الواقع، فها هي هيلاري كلينتون، في البلد الذي يدعي أنه بلد الحريات في العالم، تضطر أن تستعين بزوجها لطمأنة الناخبين أن حس الرجل لن يكون بعيدا، مع تكهنات كبيرة في عدم نجاحها لأن رجال أمريكا لم ولن يسمحوا أن تحكمهم امرأة، يحدث هذا في مجتمع يعتبر نفسه على رأس قائمة دول العالم الأول فكيف بأوضاع المرأة في مجتمع يتذيل قائمة دول العالم الثالث؟
ففي هذه الدول سيظل وضع حقوق المرأة معلقا إلى ما شاء الله، المرأة التي تطالب بالمساواة في هذه الدول تضيع وقتها وأعوام عمرها وستجد نفسها وصلت إلى لا شيء! لأن مساواة المرأة بالرجل تدخل ضمن ما لا يستوعبه عقل ولا تدركه حواس في دول العالم الثالث، وسيظل مشروع المساواة مشروعا مؤجلا، والسبب بكل بساطة أن القائمين عليه رجال أرادوا للمرأة أن تظل تدور في حلقة مفرغة حول الرجل، المرأة العربية وصلت إلى حالة من اليأس لم تعد معها تطالب بتطبيق مواثيق الأمم المتحدة بل تطالب فقط أن يلتزم الرجل العربي بالمشروع الذي أقره على نفسه والذي يتضمن حقوقها؛ لأن المرأة العربية من دون نساء العالم تعاني من عدم التزام الرجل بحقوقها الشرعية والقانونية على حد سواء، وخلال اهتمامي لأعوام طويلة بهذا الشأن وجدت أن السبب الحقيقي يكمن في المرأة نفسها، فالمرأة العربية تتم أدلجتها على أن جمال أنوثتها يكمن في ضعفها وتم إفهامها أن قوة شخصيتها أو حتى معنوياتها العالية جزء من العيب الذي يجب أن تتجنب الوقوع فيه، وتنشأ في بيت يجعلها منذ أن تقترب من سن العشرين عاما يداهمها قلق الحصول على زوج مما يجعل ثقافتها تتشكل حول قناعتها التامة بأن قوتها أو حتى حياتها لن تتحقق من دون وجود رجل تستند عليه، أهم سبب في هذا السياق يظهر في عدم دعم المرأة للمرأة، فمن المفارقات المضحكة أنك تجد أنه من النادر أن تلجأ امرأة إلى أخرى لدعم مشروعها في الحصول على حقوقها، يتضح هذا السبب بشكل جلي في تجربة المرأة ومحاولة إثبات وجودها في دول الخليج العربي، ففي تجربة المرأة الإماراتية خير مثال لعدم دعم المرأة لمشروعها الحقوقي، فقد ذهبت معظم أصوات النساء الأعضاء إلى الرجال ما جعلهن جميعا يخرجن من دون الفوز بأي مقعد، جميع التجارب الانتخابية التي تجرى في الدول العربية والتي يكون للمرأة فرصة فيها، تخرج المرأة دون فوز يذكر وكأن الهدف من مشاركتها إضفاء غطاء ديموقراطي لتمرير فوز الرجل من خلاله، كل شيء يمكن تقبله في تعطيل مشروع حقوق المرأة إلا مواقف المرأة ضد حقوقها وضد انتخاب امرأة أخرى فهذا موقف ليس له تفسير سوى الحسد أو عدم اقتناع النساء بقدرتهن على القيادة والنجاح، وهنا دور كبير ومهم على عاتق الرائدات من النساء في تثقيف الأخريات وحمايتهن من سلطوية الرجل الذي يحاول بشتى الوسائل أن يبقى صاحب وصاية جائرة ومسؤولا يسن القوانين ويكيفها حسب مصالحه!
كاتبة سعودية
mahabnt71em@hotmail.com