Al Jazirah NewsPaper Friday  04/07/2008 G Issue 13063
الجمعة 01 رجب 1429   العدد  13063
دراسات علمية تشير إلى أن هناك وفرة في الزيت القابل للاستخراج من باطن الأرض تقدر بنحو 5-7 تريليونات برميل
النعيمي: النفط الوسيلة التي حقق من خلالها الملك عبدالعزيز تحويل المملكة إلى دولة عصرية

مدريد - واس

قال معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي (إن احتفال المؤتمر العالمي للبترول بمرور 75 سنة على تأسيسه يتزامن مع احتفال المملكة باليوبيل الماسي لإنشاء شركة أرامكو السعودية، فقبل خمس وسبعين سنة وبتوجيهات من الملك عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، وقعت المملكة العربية السعودية اتفاقية الامتياز مع ستاندرد أويل كومباني أوف كاليفورنيا بما يسمح للشركة بالتنقيب عن البترول في المملكة وبدأت صناعة النفط في المملكة العربية السعودية دون ضجيج ودون أن يشعر العالم الخارجي بها ولم يكن يدور بخلد أحد في 29 مايو من عام 1933م أن التوقيع على هذه الوثيقة سوف يحرك مجموعة من التطورات التي من شأنها أن تغير بشكل كبير مستقبل الناس في المملكة ويقود إلى هذا الدور المهم الذي تضطلع به بلادهم في الاقتصاد العالمي).

وأشار معاليه خلال محاضرة ألقاها أمس على هامش المؤتمر العالمي للبترول لعام 2008 المنعقد بمدريد إلى أن المؤتمر ومنذ تأسيسه يجسد رؤية توماس ديوهيرست المتمثلة في تبادل المعرفة من أجل الارتقاء وتحسين حياة البشرية.

وأفاد بأن صناعة النفط في المملكة ومنذ بداياتها المتواضعة في عام 1933م أصبحت وسيلة مهمة حقق من خلالها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- رؤيته في تحويل المملكة إلى دولة عصرية توفر حياة أفضل لمواطنيها وتتجلى آثار رؤية جلالته فيما يشير إليه البعض على أنه (معجزة اقتصادية في الصحراء).

وبين معاليه أن عصر النفط يتزامن مع فترة في تاريخ العالم تختلف عما قبلها من الفترات فقد كان القرن العشرون فترة غير مسبوقة من الإنجازات في مجال العلم والتقنية، وكان العقل البشري مصدر الابتكارات التي غيرت العالم بطرق لم يكن من الممكن تصورها من قبل، ومعها شهدت حياة البشرية تحولات نوعية.

ونوه بالدور الذي أدته صناعة النفط في النهضة التي شهدها القرن العشرون في مجال النقل والاقتصاد والتي أدت إلى تحسينات سريعة في مستويات المعيشة وحرية الحركة الشخصية.

وأشار معاليه إلى ما شهدته أسواق النفط والطاقة في بدايات القرن الحادي والعشرين من زيادة كبيرة في الطلب وما شهده هذا القرن من قلاقل سياسية وظروف مناخية قاسية وقصور في البنية الأساسية ومخاوف من كارثة مناخية وتغيرات في مواصفات أسواق المنتجات العالمية، وتدفق لأموال المضاربة في عقود النفط الآجلة وتشاؤم بشأن توفر الموارد البترولية لتلبية الاحتياجات المستقبلية محدثة أزمة في الثقة بشأن مستقبل الطاقة والصناعة البترولية وقدرتها على مواصلة توفير الرخاء للأجيال القادمة بطريقة آمنة وموثوقة.

وقال معاليه: (إن هناك دراسات تؤكد أن هناك ما يزيد على بليون من البشر حول العالم لا يستطيعون الحصول على مياه الشرب النظيفة، كما يعيش 2.4 بليون دون مرافق صحية مناسبة.

ويقول الخبراء إنه لا يزال هناك 1.5 بليون من البشر يفتقرون إلى الكهرباء و نحو 3 بلايين إنسان يعيش الواحد منهم على أقل من دولارين في اليوم، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 80% من إجمالي الموارد المالية العالمية المخصصة للصحة حاليا يتم إنفاقها في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مبينا معاليه أن نطاق المشكلة سيصبح أكثر اتساعا مع زيادة تعداد سكان العالم، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة على المدى المتوسط إلى أن العالم سيزيد 2.6 بليون نسمة بحلول عام 2050، ليرتفع إجمالي تعداده من 6.6 بليون نسمة حاليا إلى نحو 9.2 بليون نسمة).

وأوضح معالي وزير البترول والثروة المعدنية أن النمو السكاني واحتياج الشعوب في كل من البلدان المتقدمة والنامية إلى مزيد من الرخاء والحركة الشخصية هما المحرك الرئيس للنمو الكبير المتوقع في الطلب على الطاقة خلال العشرين إلى الثلاثين سنة القادمة.

وأشار إلى أن مسألة التغير المناخي تلقى اهتماما كبيراً على نطاق واسع في أنحاء العالم، وأن جزءاً كبيراً من سكان العالم يواجه مشكلة أكثر إلحاحا وهي مشكلة الفقر.. فالفقر وأثره السلبي على الوضع الإنساني يشكلان تهديداً حقيقيا وفوريا بالنسبة لأعداد كبيرة من الناس في البلدان النامية.

وأفاد معاليه بأن التحدي الذي تواجهه الصناعات والأسواق البترولية يكمن في التخلص من الكربون وكيفية القيام بذلك بصورة مأمونة، وبطريقة مسؤولة اجتماعيا واقتصاديا.

وأضاف معاليه يقول (مع ذلك، فمن الشائع في هذه الأيام تمجيد فضائل ما يسمى بدائل الوقود بسبب انخفاض انبعاثاتها الكربونية مع أن الادعاء بانخفاض الأثر الكربوني لبعض أنواع الوقود الحيوي لا يخضع دائما للتمحيص الدقيق. ففي حين تحتوي بعض البدائل غير الكربونية الحالية على نسبة أقل من الكربون مقارنة بالوقود الأحفوري، نجدها تشكل خطورة فيما يتعلق بتكلفتها وتطويرها مما يحد من إسهاماتها في الوقت الراهن).

وأكد معاليه أن زيادة الرخاء الاقتصادي في العقود المقبلة يتطلب أن نزيد الإنتاج من جميع مصادر الوقود بما فيها الزيت والغاز والفحم والبدائل وقال (إنه ليس هناك في الوقت الراهن ما يضاهي البترول من حيث قدرته على توفير وسيلة نقل آمنة وفعالة واقتصادية لسكان العالم).

وأوضح معالي المهندس النعيمي أن الدراسات العلمية حول قاعدة الموارد تشير إلى أن هناك وفرة في الزيت القابل للاستخراج من باطن الأرض، تقدر بنحو 5-7 تريليون برميل بما فيها الموارد التقليدية وغير التقليدية مشيرا إلى أن الصناعة النفطية تثبت مرة أخرى أن هناك كميات كبيرة من النفط يمكن العثور عليها وإنتاجها فعلى سبيل المثال، تشير التقديرات الحالية إلى أن قاعدة الموارد في تكوين باكن الذي يلف ولاية داكوتا الشمالية ومونتانا، قد تبلغ 500 بليون برميل من الزيت الكامن في موضعه. وفي حين تنخفض معدلات الاستخلاص بصورة تقليدية، بسبب صعوبة وتعقيدات الجيولوجيا، فإن العلوم والتقنيات الحديثة، مثل التكسير الأفقي، تفتح لنا المزيد والمزيد من موارد التكوينات.

وأضاف معاليه أن حدود الإمدادات المستقبلية للبترول ترتبط بالسياسة أكثر من ارتباطها بالجيولوجيا ووفرة الموارد. فعلى سبيل المثال، يقع معظم ما تبقى من المناطق الواعدة في الولايات المتحدة في المنطقة المغمورة، ومعظمها مناطق محظورة على الصناعة البترولية.

وأشار معاليه إلى أن العقل البشري وقدرته اللامحدودة على الابتكار تمكن من خفض تكاليف صناعة البترول وقال: (في أرامكو السعودية، شهدنا قوة الابتكار وقدرته على إحداث نقلة نوعية في صناعتنا، فقد أتاحت لنا أحدث التقنيات، مثل الآبار المتشعبة والذكية واستراتيجيات المراقبة المحسنة وإدارة المكامن، أتاحت إمكانية زيادة معدلات الاستخلاص في بعض الحقول إلى 70%. ونسعى في الواقع إلى بلوغ هذه النسبة العالية من الاستخلاص في أكبر عدد ممكن من الحقول لدينا).

وأوضح أن من أهم الفرص التقنية استخدام التقنية الدقيقة في العلوم والهندسة تحت السطحية وتطوير واستخدام أدوات جديدة لتحسين إدارة المكامن وأن من بين التقنيات الواعدة ما يخص تحقيق أقصى درجات التماس وأجهزة التحكم الدقيق في التدفقات، والحقول الذاتية والرصد السيزمي السلبي والمحاكاة مليونية الخلايا والحقول الذكية والآبار الآلية وحتى الروبوتات الدقيقة.

وبين أن صناعة النفط تقوم على استخدام التقنية للحد من الآثار البيئية لأعمالها ومنتجاتها وأن التقنيات الحديثة التي يجري تطويرها اليوم وفي المستقبل تهدف إلى إمكانية تحسين كفاءة الطاقة والحد من الآثار البيئية لاستخدام الطاقة العالمية.

وقال معاليه: (إن فصل الكربون أحد المسائل المتعلقة بالتغير المناخي التي توليها الصناعة البترولية اهتماما كبيراً. فاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه في المكامن البترولية الناضبة يعد من الوسائل المبشرة للمساعدة في التحكم في تركيزات الكربون في الغلاف الجوي. ولهذا السبب، شاركت المملكة العربية السعودية في عضوية المنتدى القيادي لفصل الكربون، الذي يضم مجموعة من الدول تبلغ بضعا وعشرين دولة).

وأضاف معاليه يقول: (ونحن نستثمر مبالغ كبيرة في تطوير التقنيات اللازمة. فعلى سبيل المثال، تشارك أرامكو السعودية برعاية مبادرة ويبيرن ميدال لتخزين ورصد ثاني أكسيد الكربون في كندا، وهي جهد عالمي لدراسة جدوى تخزين الكربون على المدى البعيد إلى جانب دعم استخلاص النفط. كما أن إدارة الكربون هي أحد مجالات الصناعة للمساعدة في حماية البيئة. وهناك مجالات بحثية أخرى واعدة يجري استكشافها. فعلى سبيل المثال، تدرس أرامكو السعودية إمكانية نزع الكبريت من الزيت الخام والمنتجات المكررة باستخدام التكنولوجيا الحيوية، وإعداد صيغ متقدمة للوقود، بما فيها تهذيب البنزين وتحويله إلى هيدروجين في المركبات).

وأشار معالي وزير البترول والثروة المعدنية أنه خلال العام الماضي، أثناء مؤتمر قمة أوبك، أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عن مبادرة لحماية البيئة، حيث التزم بتقديم 300 مليون دولار للبحث في إمكانية الحد من الآثار البيئية للوقود الأحفوري، وهي المبادرة التي حظيت بتأييد عالمي واسع، فيما قدمت دولة الكويت ودولة الإمارات العربية ودولة قطر 450 مليون دولار إضافية.

وأوضح معالي المهندس النعيمي أن المملكة تعمل حاليا على بناء مؤسستين علميتين من شأنهما أن تساعدا في التطوير المعارفي في مجال الطاقة والبيئة وتدريب العلماء والفنيين المستقبليين اللازمين لصناعة الطاقة أولى هاتين المؤسستين جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية التي تركز على البحث العلمي في مرحلة الدراسات العليا والثانية هي مركز الملك عبدالله للأبحاث والدراسات البترولية الذي سيبدأ العمل فيه قبل نهاية هذا العام. وينصب اهتمامه على المسائل العلمية والفنية ذات الصلة بالبترول والطاقة وسوف يشمل كذلك اقتصاديات الطاقة وتحليل السياسات. وستكون القضايا البيئية - وعلى رأسها الحد من انبعاثات الكربون - في مقدمة أولويات المركز.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد