ما زال الحديث معكم - أحبتي - مستمراً في آداب المعبر التي ينبغي أن يتحلى ويسير عليها في علم التعبير والتأويل، فينبغي للمعبر أن ينزل الناس منازلهم ويفرق في الرؤيا لمن هي؟ أصحابها ذكر أم أنثى؟ صغير أم كبير؟ وعليه أن يتأمل مناصب وصناعة وبلد ورزق صاحبها وغير ذلك كل هذا وارد في التعبير.
قال ابن قتيبة في: (تعبير الرؤيا: ص: 131): (وقد تتغير الرؤيا عن أصلها باختلاف هيئات الناس، وصناعتهم، وأقدارهم، وأديانهم، فيكون لواحد رحمة وعلى الآخر عذاباً)، وقال ابن مفلح في (الآداب الشرعية: 3-445): (ويميز بين الشريف والوضيع ويتمهل ولا يعجل في التعبير، ولا يعبر الرؤيا حتى يعرف لمن هي؟).
فالناس كما هم لا يستوون في الواقع فإنهم لا يستوون أيضاً في رؤاهم ومشاهدتهم المنامية، وتأمل قليلاً في رؤى الناس مروراً أولاً بالأنبياء، ثم الصحابة والصالحين والأتقياء والفجار والأغنياء والفقراء والرجال والنساء والصغار والكبار، وهكذا تجد البون والفرق الشاسع فيما بينهم، قال ابن شاهين: (يميز المعبر رؤية كل أحد بحسب حاله، وما يليق به، وما يناسبه، ولا يساوي فيما يرونه).
إذاً - أيها الأحبة القراء - لا يعبر المعبر الرؤيا حتى يعرف لمن هي؟ ويميز كلاً بحسبه وما يليق به، وله أن يسأل صاحب الرؤيا عن نفسه وحاله وقومه ووظيفته ومعيشته ولا يدع شيئا مما احتاج له أن يسأل عنه إلا طرحه، وليس هذا تكلفاً كما يظن البعض أو تدخلا في الخصوصيات أو غير المفيد (لا) أبدا كل هذا جائز ذكره العلماء المعتبرون من أهل هذا الفن النفيس كما مر معنا.
زادنا الله نوراً وبصيرة وتقوى وهدى. والله تعالى أعلم.
وقفة: (يحرق رخصة قيادته):
رأى شخصاً في منامه: أنه يقوم يحرق رخصة قيادته ويضعها في نار أمامه فقال له من فسرها: أنت تقود سيارتك بسرعة جنونية فاحذر من ذلك حتى لا تصاب بمكروه تندم عليه.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 9702 ثم أرسلها إلى الكود 82244