الأولاد نعمة من نعم الله علينا ولا يدرك عظمة هذه النعمة إلا من حرمها {وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}، فكيف يكون دورنا تجاه هذه النعمة؟ إن الاعتدال في تربية أولادنا مطلوب فلا يهمل الولد ولا يقمع، يسمع حديثه ويقبل قوله ولا يقر على كذب أو زور يقتني له ما يريد مما لا يضره، ويمنع من أخذ متاع غيره، له أن يمرح ويفرح بشرط ألا يفعل ما يخدش الحياء، يشاهد ما يحب إلا أن تكون عورة أو فتنة، هكذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) مع الحسن والحسين يجلس معهما وإليهما، يداعبهما، ويلاطفهما، ولقد كان على درجة من الحب لهما ورحمتهما والتودد لهما ولكنه في المقابل منع الحسن بن علي من تمرة وجدها على قارعة الطريق، الحسن صغير ابن ست سنوات والتمرة ملقاة وليست لأحد ولكنها التربية، خشي أن تكون من تمر الصدقة، فأين المربون عن هذا الاعتدال والاتزان؟ أين أولادنا عن ممتلكات الآخرين؟ أين أدبهم عند الشراء؟
لقد غلا بعضنا في محبة أولاده فلا يسمع فيهم واعظاً، ولا يقبل فيهم ناصحاً، فأولاد في نظره لا يخطئون، ولا يفسدون، ولا يذنبون.
يأكلون ما يشاؤون ويشربون ما يريدون يذهبون ويجيئون، ومن الناس في المقابل من ضيق على أولاده وألزمهم بما لم يكن لازماً عليهم، فهو يلزمهم بالمستحبات ويمنعهم من المباحات، وهو دائماً يخوفهم وعيد وترهيب وتخويف، أوامره صارمة وأقواله نافذة، لا بد أن يكونوا قبل الأذان في المسجد، وفي المحاضرة حاضرون وللندوة مستمعون فلا هذا ولا ذاك أصاب في التربية، وإنما المطلوب هو الاعتدال، وما كان عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) مع الحسن والحسين - رضي الله عنهما - لقد غرس الرب عزَّ وجلَّ في نفوسنا محبة الأولاد، وهم فتنة لنا {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} فهم على ألسنتنا، وتخدمهم جوارحنا، وقبل هذا وذاك هم في سويداء قلوبنا، نعم لقد حبس بعضنا ماله إلا أن يكون في سبيل ولده، وترك بعضنا مصالحه إلا أن تكون مصالح أولاده وجبنا عن أمور من أجلهم ولهم، بخلنا بالمال وجدنا لهم (الولد مبخلة مجبنة) ولا يلام الإنسان في محبة ولده حتى البهائم ترحم أولادها.
وإنما اللوم في تركهم دون تربية أو تقويم أو تثقيف.
وإلى اللقاء.
* المجمعة