الحديث عن علاوة الإصدار للشركات التي تطرح أسهمها للاكتتاب ليس بجديد، وتذمر الكثير من المواطنين أو العارفين بالسوق من تقييم الشركات ليس بجديد أيضا. لا أحد قادر على معرفة الفائدة من طرح 30% من أسهم شركة في السوق لا تستطيع أن تتخذ قرار في أي من هذه الشركات، إضافة إلى أن العدد المطروح من الأسهم ليس بالكبير.
وتمييز صناديق الاستثمار دون غيرها بتملك النسبة الأكبر من الأسهم المطروحة والتي قامت بالمضاربة وتحقيق الربح الذي تريد وترك السهم ينخفض بشكل كبير دون أن تلعب الدور المأمول منها في أن تكون صانع للسوق.
ولكن كيف نطلب منها ذلك وهي تملك سوابق في السوق وأيضا تعد مستثمرا يرغب في الربح مثل غيرها من المستثمرين.
وهذا يجرنا إلى سؤال عن سبب إعطائها الأحقية في تملك الحصة الأكبر من الأسهم وقد تأكد لنا أنها ليست صانع سوق.
وهنا نسأل أيضا هل كان صحيحا أن نطلب من البنوك وصناديقها أن تكون صانعة للسوق؟ وهي المستثمر الأول والمضارب الفاعل في السوق، وهي التي تجذب أموال المواطنين لمدد استثمارية لا تتجاوز السنوات الخمس بل إن اغلب الربح المطلوب تحقيقه تكون مدته 12 شهرا على الأكثر.
ويلاحظ أيضا أنها تقيم أعمالها كل أسبوع، وشهدنا إعلاناتها في سنوات الرخاء التي تتحدث عن أرباح تصل إلى الضعف في العام الواحد. ومن الأهمية بمكان أن نسأل كيف سمحت هيئة السوق للشركات بأن تطرح النسبة التي تريد بعلاوة إصدار تعد مرتفعة مع وجود سوق مضطرب؟ وقد أصبحت العلاوة عملية تجارية يراد منها تحقيق الربح المضاعف والسريع مع بقاء صاحب المنشأة على رأس الهرم.
ويجب أن نعلم أنه لا يوجد من يطرح شركته للاكتتاب وهي تحقق ربحية عالية لأنه يرى أنه الأحق بها.
وهنا نقطة لم يلتفت إليها المساهمون وهي كيف أن الشركات المراد طرحها للاكتتاب تقوم بحملة إعلانية ضخمة يتخللها إعلان لميزانية سنتين يبرز فيها كيف أن الأرباح قد تضاعفت خلالها فقط.
كيف حدث ذلك؟ لا نعلم، ولا نعلم كيف تم احتساب الأصول بخاصة التي تحتوى على بضاعة مدفوعة قيمتها إلى اجل وتحكمها اتفاقيات لا يعلمها أحد.
لقد أصبح تقييم السهم وتحديد علاوة الإصدار مصدرا للثراء وتعويض لخسائر شركات تعاني من مشكلات متراكمة من سنوات سابقة.
وسنرى النتائج لهذا العام كيف ستكون؟.
لقد كان هدف هيئة السوق التوسع في عدد الشركات، ولكن هل كان صحيحا أن يتم قبول شركات تطرح بعلاوة إصدار عالية ولا يكون هناك شفافية عالية في إيضاح كل ما لديها من معلومات مالية؟ وتقييم الأصول والقيمة الدفترية؟.
وكالعادة يكون الضحية المساهم المسكين الذي يندفع خلف الاكتتابات للتعويض عن خسائره أو الذي يدخل المضاربة على سهم ما يلبث إلا أن ينخفض سعره عن سعر الاكتتاب.
ومن الأمور المهمة التي يجب الالتفات إليها هو منع الصناديق من الدخول في الاكتتابات واستبداله بصناديق الدولة مثل التقاعد والتأمينات ومؤسسة النقد التي تستثمر مئات المليارات خارجيا.
وهذه الجهات عندما تكون طرفا فإن السهم سيسعّر بسعر حقيقي ويحفظ قيمته من تلاعب المضاربين.
ونتمنى أن توجه وزارة المالية محفظتها التي أعلنت عنها سابقا والتي ستستثمر داخليا أن تتجه إلى السوق المالية.
كما أصبح ضروريا قبل أن يستفحل الأمر وتعظم المشكلة أن تقوم هيئة السوق بإعادة النظر في مصلحة المواطن بإيقاف رفع علاوات الإصدار غير المبرر وأن يكون هناك كشف حساب حقيقي للشركات التي يراد طرحها للاكتتاب.