بالم هيلز (مصر) - (رويترز) - من جوناثان رايت وعلاء شاهين
سيارات رباعية الدفع مصفوفة امام فيلات لونها بني ضارب الى الحمرة بينها سيارة ليكزس وأخرى بورش وتحت ظل النخيل وأشجار البونسيانة الحمراء البراقة أخذ رجال يرتدون زي العمال في تلميعها حتى تبرق.
على الجانب الآخر من الطريق المخبأ وراء جدار وفي نهاية ممر تناثر فيه الأنقاض يعيش صبري علي وزملاؤه البستانيون كل خمسة في غرفة صغيرة ويجني الواحد منهم 18 جنيها مصريا (3.35 دولار) يوميا مقابل العمل لسبع ساعات في العناية بالمروج وتشذيب الأشجار. وينام ثلاثة منهم على أسرة ويتشارك اثنان في حصيرة على الأرض. وفي الليل يشاهدون تلفزيونا صغيرا غير ملون. ومجتمع بالم هيلز الذي لا يتسنى دخوله الا من خلال بوابات على بعد 15 كيلومترا الى الغرب من القاهرة هو واحد من عشرات ظهرت بسرعة في الصحراء المحيطة بالعاصمة المصرية ليسكنها مصريون ينتمون الى الطبقة المتوسطة والعليا والذين ما عادوا يطيقون ضوضاء القاهرة وتلوثها. ويحمل الكثير من هذه المجمعات اسماء انجليزية جذابة مثل هايد بارك وبيفرلي هيلز ويوتوبيا وايفيرجرين ويعلن عنها القائمون على مشاريع التنمية العقارية بالانجليزية في الأساس مديرين ظهورهم للغة البلاد وشعبها. وأدى تحرير الاقتصاد ومعدل النمو الاقتصادي الذي يحوم حول نسبة سبعة في المئة في العام على مدار العامين المنصرمين الى تضخم طبقة الأثرياء لكن منظمة الأمم المتحدة تقول إنه في الوقت نفسه فإن نسبة الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع ازدادت هي الأخرى. ومن الصعوبة بمكان الحصول على معلومات مؤكدة بشأن توزيع الدخل في مصر لكن زيادة حادة أخيرة في أسعار الغذاء أضرت بالفقراء لأن الغذاء يستهلك نسبة كبيرة من دخلهم. وضيق ذات اليد ليس قدر العمال اليدويين غير المهرة فحسب في البلاد التي تتسبب نسبة البطالة المرتفعة بها في انخفاض الرواتب بشكل مستديم. ويقول احمد النجار كبير الخبراء الاقتصاديين بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن دراساته تظهر أن نحو 95 في المئة من موظفي القطاع العام يعيشون في فقر.
وقال لرويترز إن (راتب المدير العام في عام 2008 أقل من راتبه الحقيقي عام 1978 ويرجع هذا الى أن نظام الرواتب في مصر يفيد صاحب العمل. الرواتب تزيد بمعدلات أبطأ كثيرا من زيادة الأسعار). ويقول رمضان رجب عامل إنه يجني 25 جنيها في اليوم وينفق عشرة جنيهات على الطعام يوميا. وستعوضه الزيادة التي طرأت مؤخرا على أجره والبالغة خمسة جنيهات في اليوم بالكاد عن زيادة الأسعار التي وقعت في العام المنصرم والذي شهد بلوغ معدل التضخم الإجمالي في المدن 19.7 في المئة كما ارتفعت أسعار السلع الغذائية الرئيسية بنسب تراوحت بين 25 و51 في المئة.
ويشير شريف الصياد الذي انتقلت عائلته الكبيرة قبل عامين الى فيلا كبيرة في مجمع القطامية هايتس في الجانب الشرقي من القاهرة الى أنه ليست لديه تحفظات على العيش في مجمع سكني يقف حراس على بوابته. وقال لرويترز (هذا هو أسلوب الحياة الطبيعي. لا يمكن أن نضع كل الناس معا. اذا كنت تريد أن تدفع مزيدا من المال من أجل سلامة طفلك ومن أجل الاسترخاء فهذا حقك). وتباع الفيلات المماثلة لفيلا الصياد بنحو أربعة ملايين ونصف المليون جنيه مصري وهو المبلغ الذي يمكن أن يجنيه بستاني في بالم هيلز خلال ألف سنة.