Al Jazirah NewsPaper Friday  04/07/2008 G Issue 13063
الجمعة 01 رجب 1429   العدد  13063
دور مكاتب الاستشارات المحلية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات (2/1)
المستشار/ علي بن خلوفة الغامدي

مهنة المستشارين في تقنية المعلومات والاتصالات - كما يعرفها بعض علماء التقنية والاتصالات- هي المساهمة في رفع كفاءة المنشأة فنياً وإدارياً، وخلق قيم مضافة من خلال تطبيق الأساليب الحديثة في تطبيق مفاهيم الاتصالات وتقنية المعلومات. أما المستشار التقني فهو شخص مستقل وكفؤ يتمتع بخبرة في تقنية المعلومات والاتصالات ولديه القدرة لتقديم خبرة أوسع في كيفية الاستفادة المثلى لتقنيات المعلومات والاتصالات في المنشأة.

يركز المستشارون التقنيون عادة على المبادرة في تقديم الخدمات الاستشارية لمساعدة الهيئات الحكومية والشركات بتطبيق التقنيات الحديثة والاشراف على تطبيقها بالجودة العالية، والإشراف على إدارة التغيير والتوعية المناسبة في المنشأة، ويتضمن عملهم تقديم تقييم موضوعي، حيث إنه من الأسهل بالنسبة لشخص من خارج المنشأة أن يرى الصورة في داخل المنشأة من خلال منظور أوسع من خلال الخبرة والمعرفة والمهارة التي تمكنهم من التخطيط والتنظيم الذي يحقق الأهداف لمتطلبات المنشأة، وهو عمل مهني يقوم به من لديهم الكفاءة والخبرة في تقديم النصح والمشورة لقطاعات الحكومة والشركات والأفراد في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات.

ليس المقصود بالعمل الاستشاري في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات ما تقوم به مجموعة كبيرة من شركات التقنية المنتشرة في أرجاء بلادنا والتي تتشكل بمجموعة أعمال من توريد للبرامج والأجهزة وتنفيذ المشاريع.

ونقصد بالعمل الاستشاري في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات هو العمل الاستشاري في الدراسة والنصح المستقل تماما عن أي حل تقني سواء أجهزة او برامج أو قواعد معلومات، التي هي في الاساس تكون في صف الجهة الطالبة للاستشارة، ومن المعروف عالميا أن نسبة العمل الاستشاري في مجال تقنية المعلومات والاتصالات في المشاريع الكبرى والصغرى تشكل نسبة معقولة من كلفة مشاريع تطبيق التقنيات من أجهزة وبرامج وشبكات داخلية وخارجية، وقواعد المعلومات.

ومن المنظور الفني ولكثرة تعدد الموردين لحلول تقنيات المعلومات وتنوعها ومحاولة تسويق وبيع منتجاتهم من أجهزة وأنظمة وقواعد معلومات وتشغيلها، أثَّر سلباً على بعض المنشآت الحكومية والشركات في تطبيق حلول تقنيات متنوعة قد لا تكون متوافقة أوتتعارض مع بعضها البعض أوصعوبة ربط وتكاملية البعض الآخر، وقد أدت هذه المفاهيم وقبولها من بعض المنشآت في حيرة وحرج شديدة للاستفادة الحقيقية من تقنيات المعلومات والاتصالات.

وتلك الأسباب وغيرها أصبحت الاستشارة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات ضرورة ملحة وأساسية لبناء منشأة قادرة على الاستفادة من تقنيات العصر والتحول من الأساليب التقليدية إلى تطبيق الوسائل الإلكترونية بمنهجية علمية وتقديم خدمات استشارية باختيار أفضل الحلول التقنية التي تساهم في تحقيق الاهداف والطموحات والوفاء بالمتطلبات والاحتياجات للمنشأة.

ويكمن دور المكاتب المتخصصة في الاستشارات لتقنية المعلومات والاتصالات، بإعداد دراسات استراتيجية مستقبلية واضحة المعالم ذات سياسات وإجراءات واضحة، وأن تمد جسور الثقة بين المكاتب الاستشارية المستقلة وجميع الجهات المعنية بطالبي الخدمات الاستشارية واستعادة الدور الريادي للمكاتب المتخصصة والحفاظ عليها صرحا وطنيا يساهم في تشييده نخبة من الكفاءات المهنية عبر سنوات طويلة، وأن تضع الآليات الناجحة لمعالجة جميع الاختلالات في هذه الأنشطة، وأن يبرز دور المكاتب الاستشارية لتفادي القصور الحاصل في حلول تقنيات المعلومات والاتصالات، وتحسين أداء دور ادارات تقنية المعلومات والاتصالات بالمنشآت، وذلك بهدف رفع الكفاءة الادارية والخدمات، وأن تعمل على جودة اداء العمل الفني من خلال :

* ترسيخ ثقافة العمل الاستشاري في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات محليا وإقليميا

* المساهمة في تحسين أداء الكوادر البشرية في ظل تعاظم حاجة السوق المحلي والإقليمي للخدمات الاستشارية.

وتعتبرمساهمة الدولة في دعم المكاتب الاستشارية العاملة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات بالدخول في مضمار العمل الاستشاري يساعد بشكل قوي ومدروس في مفهوم توطين التقنية ورافدا للدخل القومي. في حين أننا نعرف جيدا أن هناك الكثير من الاستشاريين المحليين القادرين والمؤهلين الذين يعملون أو حتى أحيانا يملكون شركات استشارية في هذا المجال.

وتتميز المكاتب الاستشارية المحلية عن نظيراتها من الشركات الأجنبية بالمعرفة والفهم الحقيقي لثقافة المنشآت وطبيعة العاملين وإجراءات العمل.

إن مستوى المستشار السعودي ليس بأقل من أقرانة في البلاد الأخرى العربية والأجنبية، وهي بلدان تملك شركات استشارية ضخمة وكبيرة معروفة عالميا، وفي رأيي بأن الخطوة الأولى يجب أن تبدأ من التشريعات والتوجيهات من القيادة العليا بالدولة بالاهتمام بالمكاتب الاستشارية المتخصصة والمستقلة تماما، ووضع أولويات وتصنيف خاص بهم للدخول في العمل الاستشاري للدولة وتشريع يوضح آليات ومراحل العمل الاستشاري في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات وآخر يوضح الأسس التي يجب أن تقوم عليها هذه المكاتب الاستشارية.

ولنجاح التنظيم المهني للعمل الاستشاري في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات لابد لنا من اقتراح عاملين رئيسين حتى تستطيع المكاتب الاستشارية أداء دورها بكل ثقة واحترافية :

أولا: وجود بيئة تنظيمية تستند إلى تشريع يراعي خصوصية المهنة من حيث المؤهلات المطلوبة وسنوات الخبرة للالتحاق بالمهنة فهذه الأساسيات موجودة ويعمل بها في ادارة المهن الحرة بوزارة التجارة والصناعة.

ثانيا : وجود حماية قانونية لمكاتب الاستشارات التقنية، فلابد من التأكد من كفاءة المنتسبين إلى هذه المهنة، وتوفر المؤهلات والخبرات اللازمة لأداء هذه المهنة، وفرض جزاءات على ممارسة المهنة بدون ترخيص، وأود أن أشير إلى أن أغلب دول العالم قد نظمت المهن الاستشارية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات وفرضت جزاءات وغرامات مالية على ممارسة المهنة بدون ترخيص.

واخيرا فإن تنظيم مهنة الاستشارات في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات مهم لخلق شروط صحية للمنافسة, وكذلك لحماية المتعاملين مع هذه المهنة، ومن الضروري أن تنشأ جمعية خاصة بالاستشاريين في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات وتخصصاتهم من بين الاستشاريين الذين ينطبق عليهم شروط ممارسة المهنة الاستشارية، على أن يتضمن السجل البيانات الأساسية عن تخصصاتهم. ويكونوا قد مارسوا العمل في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات بعد حصولهم على المؤهلات الجامعية مدة 15عاما في الأقل، وعلى أن يكون قد تحمل مسئوليات بارزة فى تصميم وتنفيذ مشروعات تقنية.

إن تطوير ورفع كفاءة المكاتب الاستشارية في بلادنا العزيزة مطلب ملح ويلقي عليها مسؤوليات فريدة حيال التطورات المتسارعة للاتصالات وتقنية المعلومات، وأن العمل الاستشاري يخطو خطوات واسعة على طريق التميز والإبداع، وإن المشاريع الاستشارية أصبحت متميزة ولابد من التأكيد على أهمية منح الاولوية للمستشار السعودي والمكاتب الاستشارية الوطنية المؤهلة وحقها في العطاءات الحكومية الكبرى. والجدير بالذكر أن المكاتب الاستشارية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات تشكل أحد المحاور الرئيسة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات.

مدير (مكتب التفوق) للاستشارات في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات


agamdi@tafawuq.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد