Al Jazirah NewsPaper Friday  04/07/2008 G Issue 13063
الجمعة 01 رجب 1429   العدد  13063
حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية
محمد علي الجارالله

لست متحاملاً على أحد ولا محابياً لأحد غير الله سبحانه وتعالى الذي أراعيه في كل ما أفعل وأقول أو أنوي أن افعل وأقول لهذا فإنني أقول إنه ليس من بلد في هذا العالم تصان فيه حقوق الإنسان مثل هذا البلد واقصد الإنسان السوي الذي ينشد طاعة الله وليس الإنسان الذي لا يعبأ بطاعة الله.

.. فالإنسان هنا يخضع لقوانين ربانية أمر بها الخالق سبحانه ولم يضعها مخلوق ليس من اختصاصه ولا يعلم شيئا عن المخلوق وهو الإنسان الذي أعنيه هو من لو سألته ماذا تتمنى أن يكون وطنك ودينك؟ لقال ديني الإسلام ووطني المملكة العربية السعودية بكل صفاتها وقساوة جوها وتضاريس أرضها وشواهق جبالها وكثيف رمالها وحرارة شمسها وصقيع شتائها ونظام حياتها إذا ما قام على الهدي النبوي الشريف وصادق القرآن الكريم.

ولا شك أن الإنسان أياً كان تعتريه الأهواء وتحركه التوجيهات ويتأثر بالمحيط القريب والبعيد ولكن الإنسان السوي هو من يرجع كل هذه الأمور إلى حال واحدة هي طاعة الله وقدره وقضاؤه، الكمال لله وحده، ولسنا في هذه البلاد ندعي الكمال في كل شيء لأننا ناتج فقر مدقع عشناه بكل شرائحنا وعلى مختلف أوطاننا وعايشنا حياتا وتعاملنا معها وتعامل معها الأجداد والآباء ورضوا بها وناموا فوق أديمها وتلحفوا سماءها ولم يهجروها ويبحثوا عن أوطان أخرى غيرها فرضوا وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر فكان الله معهم وأغناهم عندما علم نياتهم والتفافهم حول قيادة صالحة لها خاصيتها الإيمانية وهي طاعة الله في كل ما تعنيه هذه العبارة، وصدق القائل العظيم: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ} فتركوا أموراً دنيوية حسبها الآخرون مصدر سعادة وثراء، ولما كان تركها لله، أغناهم الله غناء لا تخشى الفقر وجعل من ضوء شمسهم ثروة ومن رمالهم ثروة وفي باطن الأرض ثروة، ومن الجبال والصخور ثروة وفي كل شيء جعل ثروة وسخر لهم أمم الأرض لتخدمهم وتجند كل طاقاتها العلمية والبشرية تستثمر في هذه الصحاري والقفار وبالتالي تخضع وتسير على قوانين هذه البلاد ونظامها. وليس ذلك بكبير فهو انتصار لدين الله القويم وليس ذلك على الله بعزيز.

لقد كنا جهلة إلا بحق الله وعلمه وكتابه، فأتت إلينا علوم الدنيا كلها وفتحت لنا سبل التعلم وحققنا مقولة (اطلب العلم ولو في الصين) وما ابعد الصين لقد أتتنا الصين بمنتوجاتها وذهبنا إليها بعقولنا وأموالنا وأصبحت لنا شركات في الصين وفي الغرب والشمال والجنوب لقد نصر الله حقه وأوفى وعده.

أي حقوق للإنسان تلك ا لتي تحمي الإنسان من نفسه ومن أبيه واخيه وصديقه وعشيرته بل وعدوه اللدود، لا نقول ولا نتجنى على الله اننا الأفضل في العالم إلا بالقدر الذي يطبق فيه نظام حماية الحياة وإقامة العدل في الأرض بين الناس، فالنفس لا تأمن بعضها بعضا إلا بالعدل وإقامة شرائعه، وبلغة أخرى، يطبق النظام على الجميع فلا أحد فوق النظام ولا أحد فوق شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد أباح الله ورسوله لولاة الأمر أن يعالجوا بعض الأمور بالحكمة والرأي والشورى التي يستند فيما تستند إليه اصلاً بالعدل بين الناس لوضع القواعد التنظيمية في الامور الحياتية التي تتطور مع تطور الحياة ووسائلها المستحدثة، فالحياة تسير وتتطور ضمن إرادة الله وتوفيقه، فلم تكن السيارات والطائرات معروفة في فجر الإسلام ولكن الله سبحانه وتعالى ذكر لنا أنه الأعلم بشؤون خلقه فبدأ بخلق الوسائل التي تتلاءم وعهده الابتدائي وفتح باب الاجتهاد والتطوير والتعلم والتعليم، فأوجد وسائل التنقل الأولى بقوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} وذكر أنه الخالق كذلك للإنسان سيد الأرض وعامرها بأن أعطاه القدرة والعلم وسخر له الإمكانيات ليخلق بأمر الله ما شاء الله لقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}.

وهذا الإنسان لا بد أن يضع نظما تصنيفية لتتلاءم وعصرها ولتكون وسائل نافعة، لا ضارة، وصار النظام الذي نسميه بالنظم الوضعية، ولكن يجب أن تستند في أصلها على سلامة الإنسان وحفظ كرامته.

وبلادنا في عصر التطور الذي اختارته لنفسها ولم تعش في عزلة عن العالم فاستوعبنا جميع المخترعات الحديثة من وسائل مواصلات واتصال وإعمار وزراعة وصناعة وطب وتعليم وغير ذلك، وأرفقت بما يحفظ سلامتها والسلامة منها بموجب تعليمات ونظم هي في الأصل لصالح الإنسان ولحماية حقوق الإنسان.

ولكن الفارق كبير بين حقوق الإنسان في بلاد تأخذ بالأصل القائل {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}وبين من يترك هذا المعنى ويذهب إلى نصوص موضوعة لا تأخذ بالنص الأصل لحق الإنسان وكرامته ثم إنه بتقيدنا بنصوص النظام الذي يستند إلى شرع الله سنكون خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر نأمر بما ينفع الناس ويرعى مصالحهم، وننهى عما يسيء إلى تلك المصالح من عبث العابثين.

وكلما نراه في أيامنا هي حقوق وتعديات على الحقوق ومخالفات لنظام الحقوق والتزام بنظام الحقوق، وإن الحقوق لا يمكن أن تصان غلا بالنظام، والنظام لا يمكن أن تقوم له قائمة ويصبح نافذا إلا بحمايته من العابثين بعقوبات رادعة وقوية ومكافآت مجزية.

فالوعي الحقيقي والثقافة الحقيقية والانضباط الحقيقي كلها ناتج للنظام ومدى قوته وقدرته والالتزام بتطبيقه، هذا الالتزام الذي تخلقه العقوبة وأحياناً المكافأة.

وهذه سنة الله في خلقه الذي خلق الخلق وخلق م الجزاء والثواب والجنة والنار والمغفرة والعقاب، هذا هو النهج السليم الذي يصون حقوقنا جميعاً ويحمي أنفسنا من أنفسنا وممن يريدون بنا الشر وإفساد حياتنا.

ومن هذا النهج يستمد النظام قوته وشرعيته وأسلوب في الثوب والعقاب ولنا في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خير دليل وأعظم مثل، فنرى أن الهيئات ذات هيبة واحترام لا تتمتع به أي جهة من الجهات الأخرى فنرى أنه لا أحد يجرؤ أن يتأخر في متجره بعد أن يسمع النداء للصلاة في جميع الأوقات، ونرى جميع المتاجر والشوارع التجارية وغير التجارية تكاد تكون خالية إلا من المارة، فهنا قاعدة نظامية تشرف على تنفيذها هيئة قوية ذات مدلول واحترام وتعلم الناس منها جمعياً كل الحدود، ناهيك عن الأمور الاخرى من فعل المحرمات التي لا يجرؤ أحد في بلادنا على ارتكابها إلا بالسر الشديد وهذا أمر لا تعلمه الهيئات، ولو علمته لأوقعت بفعلته أشد العقاب، كذلك الجهات الأخرى الامنية ولا مجال لتعدادها أو ذكرها بالتفصيل، إلا نسمع ونقرأ يوماً بعد يوم عن نشاطها في مكافحة المخدرات والقبض على عصابات الفساد والتزوير والغش التجاري وغيره، وهذا أمر أيضاً يصون النظام ويحمي مصالح المواطنين وبالتالي يحمي حقوق الإنسان من الاعتداء، ولا يعني التقصير من بعض الجهات في مراقبة تنفيذ تعليماتها هو من سبب الإهمال ولكن العذر لهم، أن المواطنين قادرون على استيعاب التعليمات والتقيد بها وان النظام لا يحمي المغفلين.

ليس هناك من قاعدة من حقوق الإنسان لم تقم لها حماية وتوضع الإجراءات للدفاع عنها وحياتها، وقد يقال أن بلادنا والحمد لله أقل البلاد من حيث الجرائم وارتكاب المخالفات، فأمتنا بتطبيقها منضبطة ومؤدية وتتمسك بأهداب دينها وتراثها ومعتقداتها، بالرغم من تكالب أمم الأرض علينا وتكاثر الأجناس في بلادنا وما جلبوه لنا من أعمال لا نكاد نصدقها حيث لم نعتد على السماع بها ولم نتصور أن أحداً يجرؤ على القيام بها من مواطنينا الأصليين، إلا أن الآخرين من الوافدين أتوا ومع بعضهم من التجاوزات ما كانوا يعتبرونه مصدر عيش لهم في بلادهم وأمر مباح مثل صناعة الخمور أو الاتجار بالأشرطة الفاسدة أو أمتهان أمور أخرى لا يجوز ذكرها لبشاعتها، قد تعتبر حق من حقوقهم في بلادهم، وهنا نجد أنفسنا أمام حيرة لإيجاد السبل لإيقاف أو التخلص من هذه الزمرة والقضاء على بؤرها واحتسابها خلل في مجتمعنا، فتستنزف جهدنا ومالنا وتؤثر في أخلاق النشء الذي لم يكن قد سمع بها أو تصورها، وبجهد جهيد، تقوم الجهات ذات الاختصاص بمحاصرة هذه البؤر للقضاء عليها متى ما علمت بها وتأكدت منها، وفي ذلك نقول أن المواطن هو الهدف الأول لهذه الأعمال الإفسادية وبالتالي هو الحصن الأول الذي يدافع عن نفسه وعن كيانه فتتضافر الجهود ما بين المواطنين والمسؤولين لحماية المواطن وأهله مما يراد به.

كل ذلك من أجل الإنسان وحماية حقوقه ومصالحه في بلاد تحرص كل الحرص على حقوق الإنسان التي شرعها الله وأمر بصيانتها وحمايتها وإعطاء كل ذي حق حقه وردع كل من يعتدي على هذه الحقوق أياً كانت جلدته أو منهجه طالما هو يعيش على هذه الأرض الطاهرة.

تلك هي سمات وطن اختصه الله بأن تكون فيه أقدس مقدسات الإسلام - بيت الله الحرام - بما فيه م مشاعر مقدسة يؤمها المسلمون من كل حدب وصوب وتتجه إليها القلوب والأبصار والأفئدة كل يوم خمس مرات مؤكدة، ومرات كثيرة في اليوم والليلة محتسبة، وكذلك مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومرقده الكريم الذي يتوق كل مسلم في الدنيا أن يصلي فيه وإلى جواره ويزوره ولو مرة في العمر، ويعد أجر الصلاة فيه أضعافاً مضاعفة عن غيره هذه هي بلاد الحرمين الشريفين بقيادتها الحكيمة والقائمين على أمورها الشرعية والتنظيمية تسير وبخطى حثيثة نحو الجميع بين الدين الخالص والحضارة النزيهة الشريفة.

ولسنا ببعيدين عما تقوم به الدولة - رعاها الله - من إجراءات أمنية واقتصادية وتنموية وتعليمية وثقافية، كلها من أجل الإنسان وحقوق الإنسان وإصلاح الإنسان ورعاية الإنسان وحمايته من نفسه ومن الآخرين.

يسهرون ونحن ننام، يشقون ونحن نسعد يقفون ونحن نجلس أدام الله عز بلادنا بقيادتها الرشيدة وأدام علينا نعمة الإسلام والله من وراء القصد.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد