وافت جمعة بنت حابس هند بنت الخسِّ في سوق عكاظ فاجتمعتا بين يدي القلَمُس الكِنانِي، فقال لهما: إني سائلكما لأعلم أيُّكما أبسط لساناً، وأظهر بياناً، وأحسن للصفة إتقاناً، قالتا: سلنا عما بدا لك فستجد عندنا عقولاً ذكية وألسنة قوية وصفة جلية .. ثم سألهما عن أشياء نورد منها ما يعنينا، قال: فأيّ الرجال أحب إليك يا جمعة؟ قالت: أحب الحر النجيب، السري القريب، السمح الحبيب، الفطن الأريب، الممصقع الخطيب، الشجاع المهيب، قال القلمس: كيف تسمعين يا هند؟ قالت وَصَفَت رجلاً سيداً جواداً، ينهض إلى الخير صاعداً، ويسرك غائباً وشاهداً، وغيره أحب إلي منه، قال: فقولي، قالت: أحب الرحب الذراع، الطويل الباع، السخي النفاع، المنيع الدفاع، الدهمي المطاع، البطل الشجاع، الذي يحل بالميفاع، ويهين في الحمد المتاع، قال: كلتاكما محسنة، فأيّ الرجال أبغض إليك يا جمعة، قالت أبغض السالة اللئيم، البغيض الزنيم، الأشوه الدميم، الظاهر العصوم، الضعيف الحيزوم. قال: كيف تسمعين يا هند؟ .. قالت: ذكرت رجلاً خطره صغير، وخطبه يسير، وعيبه كثير، وأنت ببغضه جدير، وغيره أبغض إلي.
قال: فقولي، قالت: أبغض الضعيف النخاع، القصير الباع، الأحمق المضياع الذي لا يكرم ولا يطاع، قال القلمس، كلتاكما محسنة فأيّ النساء أحب إليك يا جمعة؟ قالت: أحب الغريرة العذراء الرعبوبة العبطاء، الممكورة اللغاء ذات الجمال والبهاء، والستر والحياء، البضة الرخصة كأنها فضة بيضاء، قال: كيف تسمعين يا هند؟ قالت: وصفت جارية - فتاة - هي حاجة الفتى، ونهية الرضى وغيرها أحب إلي. قال: فقولي، قالت: أحب كل مشبعة الخلخال، ذات شكل ودلال، وظرف وبهاء وجمال، قال القلمس كلتاكما محسنة، فأيّ النساء أبغض إليك يا جمعة؟. قالت: أبغض كل سلفع بذية جاهلة غبية، حريصة دنيَة، غير كريمة ولا سرية، ولا ستيرة ولا حييَّة، قال: كيف تسمعين يا هند؟ قالت: وصفت امرأة صاحبها خليق ألاّ يصلح له حال، وينعم له بال، ولا يثمر له مال، وغيرها أبغض إلي.
قال: فقولي، قالت: أبغض المتجرفة الشوهاء، المنفوخة الكبداء، المنفص الوقصاء، الحمشة الزلاء، التي إن ولدت لم تنجب، وإن زجرت لم تعتب، وإن تركت طفقت تصخب، فقال القلمس: أحسنتما وأجملتما.