أتفق مع وكيل جامعة الباحة للدراسات العليا والبحث العلمي عندما التمس العذر لأبناء منطقته الذين يعملون أعضاء هيئة تدريس في عدد من الجامعات السعودية عندما وجّه لهم الدعوة لاستقطابهم للعمل بجامعة الباحة، حيث اعترف بأن معظم حاجات أستاذ الجامعة غير متوفرة في منطقة الباحة..
... ومنها المختبرات والمكتبات ومدارس الأولاد والموصلات والسكن!!!!
لكنني أختلف معه عندما ذكر أن بعض من عرضوا عليه أمر الانتقال للجامعة أرادوا العودة ندباً أو إعارة أو استشارة، وهنا لا أرى مانعاً من تحقيق رغبة من ترى فيه الجامعة القدرة العلمية من أبناء المنطقة للعودة إليها سواء على شكل ندب أو إعارة أو استشارة خاصة، وأن جامعة الباحة من الجامعات البكر التي تحتاج إلى القدرات الوطنية المتميزة من أبناء المنطقة ليسهموا في مرحلة التأسيس بدلاً من التعاقد مع غيرهم، وعوداً على بدء، حان التفكير بشكل جاد لتتناغم البنية التحتية لمناطق الأطراف في بلادنا الغالية مع التوجيهات السامية بافتتاح الجامعات الجديدة فيها، وإلا ما الفائدة من وجود جامعة دون توفير أدنى درجات الجذب التنموي لأعضاء هيئة التدريس في تلك الجامعات، ولا شك أن التوجيه بسرعة اكتمال البنية التحتية في مدن المملكة التي حظيت بافتتاح جامعات جديدة فيها مطلب ضروري سيخدم الأجيال القادمة وسيخفف الضغط على المدن الكبيرة، كما سيساهم بشكل كبير في زيادة مساحة التنمية الشاملة.
وما المختبرات والمكتبات والمدارس والمواصلات والسكن إلا مؤشرات للجهات الحكومية ذات الصلة لعلها تقوم بدراسة استباقية تضمن تنفيذ متطلبات أبناء تلك المناطق بشكل سريع لتكتمل مسيرتنا الحضارية وليحصل التوازن الحقيقي بين المركز والأطراف في حراكنا الحضاري الذي بدأه خادم الحرمين الشريفين بزيادة عدد الجامعات السعودية لتتسع خارطة التعليم العالي السعودي.
وحتى لا يتكرر هذا المشهد في جامعات الجوف وحائل وتبوك وجازان ونجران علينا أن نطرح مجموعة من الأسئلة الاستباقية: ما حظ تلك المناطق من المشاريع المنجزة التي تصب في خانة البنية التحتية للخدمات الضرورية للمواطن هناك من مكتبات ومدارس ومواصلات وسكن ليتوفر المناخ الجاذب لعضو هيئة التدريس ليبادر بالعودة إلى منطقته ليسهم في بناء الإنسان هناك؟
وهل قامت الجهات ذات الصلة بعمل دراسات مسحية لترسم خارطة الاحتياج التنموي لتلك المناطق التي أرادت القيادة الرشيدة ضخ التنمية فيها من خلال اعتماد جامعات حديثة لأبنائها لتكون بعون الله فاتحة البناء الحقيقي للمواطن هناك؟
أخيراً في اعتقادي أن توجيه خادم الحرمين الشريفين بفتح جامعات جديدة جاء مبادرة كريمة لتضع الجهات ذات الصلة بتوفير الخدمات الضرورية لأبناء تلك المناطق في سباق مع الزمن لتصبح تلك المناطق من بلادنا الغالية مناطق جذب للاستثمار قي مجال الإنسان السعودي قبل أي شيء، وهذا لا يتحقق إلا بتوفير بيئة صحية تتوفر بها كل مقومات العطاء الحضاري الذي يطمح رائد الإصلاح خادم الحرمين الشريفين أن يتحقق لأجيالنا القادمة على صهوة التعليم العالي.