Al Jazirah NewsPaper Friday  04/07/2008 G Issue 13063
الجمعة 01 رجب 1429   العدد  13063
الرئيس ساركوزي ومواقفه الشجاعة
عبد الله بن راشد السنيدي

(قل الحق ولو على نفسك) مبدأ إسلامي معروف ولكن الرئيس الفرنسي (نيكولا ساركوزي) طبقه على نفسه، باعتبار أن كثيراً من المبادئ والأخلاقيات الإسلامية مطبقة لدى الكثير من الغربيين ليس لرغبتهم في الإسلام ولكن لأن تلك المبادئ والأخلاقيات الإسلامية تتفق مع كل من يرغب في تطبيق العادات الحميدة، فتلك المبادئ الإسلامية تدعو إلى الصدق والمحبة والعدالة والمساواة واحترام الوقت والتعاون بين الناس ولذلك لما سافر العالم المصري الراحل الشيخ محمد عبده يرحمه الله إلى أوروبا لاحظ على سكان دول تلك القارة تطبيقهم حياتهم اليومية نفس العادات والأخلاقيات التي جاء بها الإسلام منذ ما يزيد عن (14) قرناً كالصدق في القول والعمل والوفاء بالمواعيد، والتعاون وبشاشة الوجه، والانضباط في الأعمال فلما عاد إلى مصر وسئل عن مشاعره حول زيارة أوروبا لم يجب سوى بكلمة واحدة وهي (وجدت إسلاماً بدون مسلمين) وهو يعني بذلك أن العادات والتصرفات الحميدة التي لاحظها على سكان الدول الأوربية التي زارها إنما هي نفس العادات والأخلاقيات التي وردت في ديننا الحنيف.

ومثل هذا الموقف الذي حصل للشيخ محمد عبده حصل أيضاً في الآونة الأخيرة لعالم سعودي جليل هو الشيخ الدكتور عايض القرني عندما سافر إلى فرنسا للعلاج ولاحظ الهدوء الذي يسود بين الفرنسيين وصدق المعاملة، والجدية في العمل، والتعاون بين الناس، وقد كتب مقالاً حول ذلك بعنوان: (نحن العرب قساة جفاة) والذي أثار ردود أفعال متباينة.

وبالنسبة للرئيس ساركوزي فإنه منذ توليه السلطة خلفاً للرئيس السابق (جاك شيراك) وهو يحاول الانفتاح على العالم ومعالجة مشكلاته ودفع وتقوية دور فرنسا في هذا المجال.

فقد رأينا جهوده في حل أزمة الرئاسة اللبنانية وبعد أن حلت الأزمة قام بزيارة للبنان كأول رئيس زعيم دولة يقوم بذلك، كما رأينا زياراته لدول الخليج العربي وفي مقدمتها بلادنا وزياراته لدول المغرب العربي وتأييده لقيام المحكمة الخاصة بقتله رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري.

وفي أول زيارة له لإسرائيل فاجأ ساركوزي الإسرائيليين بصراحته وعدم مجاملته فقد ركز في خطابه في (الكنيست) والذي حضره أركان الدولة في إسرائيل كرئيس الدولة ورئيس الوزراء ووزيرة الخارجية ووزير الدفاع على عدد من المحاور التي تتفق مع وجهة النظر الفلسطينية والعربية وهي:

* إقامة الدولة الفلسطينية: حيث أشار الرئيس الفرنسي إلى أن إقامة هذه الدولة ليس لمصلحة الفلسطينيين فقط بل هي في مصلحة أمن إسرائيل ولذا على إسرائيل قبل غيرها أن تتفاعل مع مشروع إقامة هذه الدولة.

* مدينة القدس: حيث طالب ساركوزي بأن تكون هذه المدينة عاصمة لدولة إسرائيل وللدولة الفلسطينية معاً، وهو ما يتفق مع مطلب العرب الذي ورد في مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله التاريخية فقد طالبت هذه المبادرة بإحلال السلام بين العرب وإسرائيل على أساس انسحاب إسرائيل من بقية الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى المبارك.

* قضية اللاجئين: حيث أورد الرئيس الفرنسي أن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بعدد من مستلزمات الوصول إلى سلام حقيقي بين الطرفين باعتبار اللاجئين جزءاً من الشعب الفلسطيني.

* مشكلة المستوطنات: حيث طالب الرئيس ساركوزي بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية والعمل على نقل من تم إقامة مساكن لهم في تلك الأراضي إلى داخل إسرائيل لأن هذه المستوطنات تعيق عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية وتتعارض مع المواثيق الدولية التي تدعو إلى عدم احتلال أراضي الغير وتغيير معالمها.

فتحية لفخامة الرئيس الفرنسي على هذا الموقف النادر الشجاع (والحق دائماً يعلو ولا يعلى عليه) وسوف يكون لهذا الموقف أثره الإيجابي على مجريات عملية السلام.

فاكس (4032285)



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد