نتذكر في هذا اليوم بيعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين، فذاكرة الشعب تختزن مظاهر البيعة وحفاوة الناس بمليكهم، عندما هب القاصي والداني لتقديم الولاء والطاعة لملك القلوب عبدالله بن عبدالعزيز، فالعاصمة الرياض التفت حول القائد المبجل، ومباني الإمارات والمحافظات امتلأت ردهاتها، متسابقين لتقديم البيعة، إنه الولاء يقود الناس عامة إلى كنف عبدالله بن عبدالعزيز رجل العطاء والبناء والتواضع، لقد أشعر الملك المفدى عامة الشعب أنه واحد منهم يشاركهم ويستمع لقضاياهم، ويقف بنفسه على المشروعات التي تهمهم وينتظرون إنجازها، إن الدنو من الناس في أنحاء المملكة العربية السعودية سمة تميز بها خادم الحرمين الشريفين، فقد كرر حفظه الله في خطاباته أن البعيد قريب منه يصل إليه، فأرض المملكة العربية السعودية متساوية، تصل إليها الخدمات في الجبل والسهل، في الجزيرة والبر، وأقوال الملك عبدالله يتلوها الإنجاز ومباشرة العمل، فقد تحولت المملكة إلى مضمار عمل، بناء وعمران، تعليم وتدريب، بناء جامعات ومعاهد، لقد استثمر دخل البترول في التقدم والرقي ورفاهية الشعب، فالبلاد تتقدم، والرؤى تتجدد، والأفق يبشر بمستقبل باسم لبلادنا العزيزة في ظل القيادة الرشيدة، إنها نظرات صائبة لقائد يتمنى لبلاده المكانة المرموقة بين دول العالم، فالمتواني لا مكان له اليوم في عالم يتسابق في البناء، ففي كل صباح يجد جديد، فعلم اليوم يصبح قديماً غداً، لقد شهد عقد البيعة المئات من المخترعات، والعشرات من التحولات، ورغبة الملك حفظه الله أن تشارك بلاده في الإنجاز العالمي، وتسهم في التقدم البشري، وأن يكون لها قدم ثابتة في الحضارة الإنسانية، ومن هذا المنطلق سار في الطريق، فأرسى دعائم التقدم بالتوجه إلى بناء الجامعات، حيث توجه عقول الشباب إلى ما يخدم بلادنا المملكة العربية السعودية,. لقد نُفِّذَ أمر خادم الحرمين الشريفين في أقصر مدة، فافتتحت الجامعات في جازان والجوف وحائل وتبوك والحدود الشمالية ونجران، بالإضافة إلى الجامعات الأخرى في المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية والرياض والقصيم، ومن اهتماماته حفظه الله إنشاء المباني لتلك الجامعات، فقد شرع في البناء، ووقف يحفظه الله بنفسه على الإنشاءات الجارية، فهي مدن جامعية متكاملة تنتظر البلاد إتمام بنائها بفارغ الصبر، هذا جانب من مضمار العمل الدؤوب في بلادنا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وجانب آخر نعيشه في هذه الأيام هو بناء المدن الاقتصادية، فقد انتظمت هذه المدن في عقد البلاد، في رابغ والرياض وحائل، فالعمل جار على قدم وساق، وخادم الحرمين الشريفين يقف بنفسه على مشروعات تلك المدن، فيفتتحها، ويدعو الله لها بالتوفيق والسداد، فبالأمس القريب تفقد حفظه الله المدينة الاقتصادية في رابغ، الواقعة على البحر الأحمر، حيث تقع في الشمال من جدة بمائة وخمسين كيلاً، وهي مدينة تحتضن المستقبل، وتؤسس لفجر جديد، يقول إن التقنية والعلم الحديث والاتصال بالعالم المتقدم سمة العهد الزاهر، عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهذه المدينة مع أخواتها ستسهم في الرقي باقتصاد البلاد، بالإضافة إلى جلب الرخاء، وإتاحة فرص العمل لكثير من أبناء المملكة العربية السعودية. والميناء الكبير الذي سينشأ في رابغ من أهم الموانئ على البحر الأحمر، لأنه متوسط بين مدينة مكة وجدة والمدينة المنورة، فبالإضافة إلى عمله الأساس في خدمة المدينة الاقتصادية سيستقبل الحجاج والزوار، وسيكون سنداً لميناء جدة وميناء ينبع، ثم إن الأيدي العاملة ستجد مجالاً للعمل في هذا الميناء، والمدن الاقتصادية ستفرض التوجه إلى التعليم الحديث، الذي تحتاجه البلاد عامة والمدن الاقتصادية خاصة.
إن التوجه إلى المدن الاقتصادية لم يضعف الاهتمام بمشاريع الحرمين، ومشاريع الطرق والمياه وغيرها، فنظرة الملك عبدالله نظرة متوازنة، فالعناية بالحرمين الشريفين من أولوياته، فتوسيع مسارات الرمي في الجمرات سائر في طريقه، وتوسيع المسعى شق طريقه مما يسهل على الحجاج أداء النسك بيسر وسهولة.
إن من يتابع أعمال الملك المفدى على المستوى الوطني ليظن أنه منشغل به بينما هو قد أعطى العمل العربي حقه، والعمل العالمي حقه، والعمل الإنساني أيضاً، لقد عُقِدَ المؤتمر الفلسطيني في مكة تحت رعايته، واهتم بأمر لبنان والسودان ويسهم حفظه الله في رخاء العالم عن طريق مناقشة أسعار البترول، فاتصالاته بالقيادات العالمية مستمرة، وهدفها رخاء العالم وإبعاد منطقتنا عن الأزمات الاقتصادية وويلات الحروب، أما العمل الإنساني فله جانب من اهتمامات خادم الحرمين الشريفين يتمثل في المساعدات الغذائية والطبية التي تلم الجراح وتشعر الآخرين أن لهم إخوة في الإنسانية، فزلزال الصين ليس ببعيد عن اهتمام خادم الحرمين الشريفين حيث وصلت المساعدات إلى المناطق المنكوبة في الصين أسرع وقت.
وخادم الحرمين الشريفين رجل عمل، فقد استلم رئاسة الحرس الوطني وهي في عمارة ابن خُضير في شارع الشميسي، فقد انطلقت الشاحنات من تلك العمارة إلى الكويت عندما هاجمها عبدالكريم قاسم حاكم العراق في سنة 1958م وما زال حفظه الله ينقل الحرس من حسن إلى أحسن حتى وصل إلى درجة عالية من الرقي، ففيه الكليات والمكتبات وحفظ التراث والأخذ بحضارة العصر.
ومع ما يبذل خادم الحرمين الشريفين من جهد على المستوى الوطني والعربي والإسلامي والعالمي والإنساني، فالناس لهم مطالبهم؛ ومنها:
- كبح جماح الأسعار التي لم تقف عند حد، ولعل منع تصدير الحديد والإسمنت يسهم في حل جزء من هذه القضية.
- القبول في الجامعات لا يزال مشكلة تنتظر الحل.
- حل مشكلة البطالة بين الشباب، والنظر إلى مستوياتهم، فالعمل مطلب للجميع ولن يقتصر على المبرزين.
أعان الله خادم الحرمين الشريفين على أعماله الكثيرة، فالحمل ثقيل، وليس لنا إلا الدعاء لولي أمرنا: اللهم يسر له كل أمر عسير، وأدم نعمتك عليه، وألبسه ثوب الصحة والعافية وشد أزره بالمساعدين الصادقين، ووفقه إلى الخير، وأبعده عن الشر، واحرسه قائماً وقاعداً، اللهم اجعل أيامه سروراً موصولة بالسعادة والهناء. دمت يا خادم الحرمين حارساً أميناً على بلاد الحرمين، تصون ترابها، وتبعد الأشرار عنها، فتهنئة من القلب في ذكرى البيعة، تتجدد كل عام إن شاء الله.