تحل على بلادنا الغالية ووطننا العزيز الذكرى الثالثة لبيعة الأمة لقائد مسيرتها وباني نهضتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيدّه الله ففي تاريخ 26-6-1426ه بويع - حفظه الله - ملكاً للمملكة العربية السعودية وخادماً للحرمين الشريفين، وفي يوم الأربعاء 28-6-1426ه تقاطر على قصر الحكم في مدينة الرياض الآلاف من أبناء هذا الوطن في يوم مشهود كتبت عنه وكالات الأنباء في مختلف دول العالم كمثال حي للمبدأ الإسلامي في نظام الحكم والشورى يبايعون قائد مسيرتهم على السمع والطاعة والولاء ولسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وتلقت إمارات المناطق والمحافظات والمراكز البيعة في حدث تاريخي له أهميته وأبعاده التي لا تخفى.
وهنا لا بد من القول والتأكيد أن الحب والولاء الذي أبداه الشعب لقائده الوفي وسمو ولي عهده الأمين ليس شيئاً مستعاراً أو مصطنعاً، بل هو حقيقة يفرضها الدين الإسلامي الذي تدين به هذه البلاد - ولله الحمد - والولاء لقيادة حكيمة عادلة، والانتماء لوطن الإسلام والشرف والإباء، وتفرضها أيضاً مكتسبات اجتماعية وقيم أصيلة يتمتع بها أبناء هذا الوطن حاضرة وبادية.
وإنه من تاريخ بيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حتى الآن والمملكة في مسيرة متواصلة بالأرقام والشواهد والإنجازات الحضارية، فلقد تضاعف عدد الجامعات والطلاب والطالبات والمؤسسات الاقتصادية ووصلت ميزانية البناء والتنمية إلى أرقام فلكية، وشيدت المملكة الصروح الحضارية (العمرانية والمؤسساتية)، وطوّرت أنظمتها الداخلية لتتواءم مع المنجزات والمستجدات. وليس المجال مجال تعداد ذلك، فذلك معروف ومشاهد، بل لا يمكن الإحاطة به في مثل هذه العجالة، لكن الأهم هنا هو أن نتذكر أن حاضرنا ولله الحمد خير من ماضينا، وغدنا أفضل من أمسنا.. وبهذه القاعدة والشواهد سنتجاوز هذا الحاضر إلى غد مشرق ومستقبل يبشر بالخير. ونظرة بسيطة جداً إلى العالم من حولنا تجعلنا ندرك (ونحن كذلك) أن بلدنا غال وعزيز ولا يعدله شيء، وأن قيادتنا تعمل ليلاً ونهاراً للبناء والتنمية والإنجاز غير المحدود، وأننا جميعاً شركاء في ذلك ومسؤوليتنا كبيرة تجاه الوطن والقيادة، ويمكن الإشارة فقط إلى توجيه خادم الحرمين الشريفين للوزراء إبان التجديد لهم أن على كل وزير أن يقدم استراتيجية وزارته للسنوات المقبلة، وأن تبنى تلك الاستراتيجية على أهداف تنبثق من سياسة الدولة وأهدافها وتقوم على تخطيط سليم يحدد ويضع خطوات التنفيذ، ويلمس آثار ذلك الوطن والمواطن وينعكس على مسيرة بناء الوطن وتطوره؛ فالعصر عصر الخطط والاستراتيجيات، ومعيار التقدم والتطور هو ما تم إنجازه وما حجم ذلك الإنجاز وما هي إيجابياته وما هي الخطوة التالية للإفادة من المنجزات وماذا اتخذ للقضاء على السلبيات، وهذا ما سارت عليه القيادة الحكيمة - وفقها الله - في إطار ثوابت الدين التي أعلنها القائد في مناسبة البيعة والمناسبات التي تلتها وبخاصة إبان زياراته لجميع مناطق المملكة بقوله (الإسلام منهجي والقرآن الكريم دستوري)، ويحق لنا في هذا الوطن مواطنين ومقيمين أن نفخر بذلك أيما فخر؛ فلقد تجاوز الوطن والمواطن أزمات سببها الوضع العالمي كالغلاء والإرهاب والفقر، حينما جعلت القيادة ذلك من أولوياتها فدعمت السلع الرئيسة وراقبت الإنتاج الداخلي وأضافت بدل المعيشة للموظفين وقضت قضاءً مبرماً على الإرهاب وأهله ووضعت الخطط الكفيلة لتجفيف منابعه وحماية الأمة والمكتسبات في طول البلاد وعرضها وأنشأت الصناديق للقضاء على الفقر ورفع وطأته على أبناء الوطن وأنشأت ودعمت المؤسسات الخاصة والعامة التي أنيط بها ذلك، ولم يتوقف البناء والإنجاز عند الشأن الداخلي فقط؛ فالمملكة قبلة المسلمين وموئل الرسالة والدعوة ودورها مقدّر عربياً وإسلامياً ودولياً وتعيش في قمة الأحداث والمواقف الخليجية والعربية والإسلامية والدولية، لم تغب لحظة واحدة عن أمر يهم المنطقة أو القضايا العربية أو الإسلامية أو الدولية عبر موقف ثابت على المبادئ والأسس يعرفه القاصي والداني عبر رؤية واضحة.
إنّ الحديث عن ذكرى البيعة حديث شيّق وممتع، وكيف لا يكون كذلك وهو حديث عن الوطن العزيز (المملكة العربية السعودية) وكيف لا يكون كذلك والبيعة تذكرنا بالوحدة التي بدأها مؤسس هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز (رحمه الله) عام (1319هـ)؛ فبعد كفاح وعمل شاق وإخلاص - وقبل ذلك وبعده - توفيق الله وعنايته وما أكرم الله به هذا الوطن الذي يضم الحرمين الشريفين، أرسى جلالته هذه الوحدة في تاريخ لا ينسى وهو عام الوحدة (1351هـ) تاريخ أعظم وحدة عربية إسلامية في العصر الحديث - ولله الحمد والمنة - وسار على هذا المنهج أبناء المؤسس الغر الميامين حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وسمو ولي عهده (رعاهما الله).
وإن الحديث عن المناسبة الثالثة للبيعة يجعلنا نتذكر الإنجاز والتطوير والتقدم الذي جعلنا في مصاف الأمم المتقدمة التي سبقتنا بمئات السنين، وبعيداً عن الإحصاءات والأرقام - التي نقرؤها في وسائل الإعلام لدينا صباحاً ومساءً - يمكن القول بكل فخر إن التنمية التي حققتها القيادة لشعبها تعد محكاً دالاً على صلابة تكوين هذا الوطن العزيز وعزيمة شعبه وإخلاص قيادته بعزيمة لا تخور وشجاعة تقتحم المستقبل من كل أبوابه في إطار ثوابتها التي لا تحيد عنها والتي أكسبتها احترام العالم كله بجميع فئاته.
فهنيئاً لهذا الوطن قيادته الحكيمة وشعبه الوفي ومنجزاته العظيمة وبنية اقتصاده المتينة وثرواته الهائلة وارتفاع معدلات نموه التي لفتت أنظار العالم كله، وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز والقيادة الرشيدة، وكل ذكرى بيعة ووطننا العزيز وقيادته وشعبه بخير ورفعة وتنمية وتطور ورخاء وأمن واستقرار..
وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية