إعداد - خالد الحقيل
المواقف السعودية تجاه القضايا العربية واضحة ومعروفة في المحافل الدولية المختلفة ومحاولة معالجة ملفاتها الساخنة في العراق وفلسطين والسودان ولبنان خير شاهد على ذلك. ولقاءات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع أشقائه قادة العالم العربي تعكس الموقف الثابت للمملكة تجاه قضايا الأمة الإسلامية والعربية والتنسيق المستمر حولها من أجل جمع الشمل العربي ومعالجة قضاياه.
وقد شهدت دبلوماسية المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين انطلاقة كبرى في شتى الميادين السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية, فقد تميزت بسجل حافل من الحكمة والاعتدال في جميع اتصالاتها بدول العالم وفي علاقاتها الخارجية وروابطها مع العالمين العربي والإسلامي.
وما يعكس قوة العلاقة السعودية وثقلها مع العالم كافة والعالم العربي خصوصاً تلك الجولات التي قام ويقوم بها المليك إلى الدول العربية, مما كان له الأثر البليغ في إثراء العلاقات السعودية - العربية البينية.
وسنوجز بشكل سريع بعضاً منها خصوصاً فيما يتعلق بمصر وسوريا والأردن والمغرب ولبنان..
مصر ونمط فريد في
العلاقات الثنائية..
زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى مصر عديدة ومتتالية وما يميزها أنها تكتسب طابعاً فريداً وذا نكهة خاصة..فهي دوماً تأتي في ظروف بالغة الدقة والحساسية تمر معها الأمة العربية، وترسم استراتيجيتها المستقبلية لسنوات طوال.. ويتم بها مجابهة كل ما يحاك بالأمة الإسلامية والعربية من مخاطر, أهمها تحديات السلام، ومحاولات إسرائيل التملص من اتفاقياتها مع الفلسطينيين ثم مستقبل العلاقات العربية في ظل ظروف دولية.
وعلى سبيل المثال فالزيارة السابقة إلى مصر والتي عقدت في الثالث من ربيع الثاني من العام الجاري كانت عبارة عن قمة سعودية - مصرية بشرم الشيخ حيث استعرض خادم الحرمين والرئيس مبارك مجمل الأحداث والمستجدات على الساحة العربية وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية وأهمية الوصول إلى حل عادل وشامل يضمن للفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس.
وشملت مباحثات الزعيمين كذلك الأوضاع في العراق وضرورة الحفاظ على أمنه وسلامته ووحدة أراضيه.
كما تطرقت المباحثات إلى آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين إضافة إلى مجمل الأحداث والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.
كما بحث الزعيمان أزمة الرئاسة القائمة في لبنان والجهود العربية المبذولة للإسهام في إيجاد حل لهذه الأزمة التي انتهت مؤخراً بعد الاستجابة للمطالب العربية والإسلامية على أرض قطر الشقيقة.
المملكة شقيق الأردن الأكبر..
اهتمت وسائل الإعلام الأردنية من صحافة وتلفزيون ومحطات إذاعية بأنباء الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأردن العام الماضي.
فقد بث تلفزيون الأردن والعديد من محطات الإذاعة المحلية برامج وتقارير أخبارية حول منجزات المملكة الحضارية التي تحققت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. كما أثنت على دور الملك المفدى في خدمة القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ومسيرة التضامن والعمل العربي المشترك.
وأثنت الصحف الأردنية على الجهود الكبيرة التي يقوم بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في نصرة قضايا العرب والمسلمين.
فخادم الحرمين الشريفين بالنسبة للأردنيين قائد عروبي أصيل طالما انشغل بالهم السياسي العربي وخصوصاً قضية العرب الأولى فلسطين، كما أنه طالما مد يد العون والمساعدة للشعب الأردني في مختلف القضايا.
وتجمع شخصيات سياسية واقتصادية أردنية رسمية وأهلية على أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأردن، وترى في الزيارة إضافة جديدة للعلاقات الحميمة التي تربط المملكتين العربية السعودية والأردنية.
ويعود رئيس الديوان الملكي الهاشمي السابق د. عدنان أبو عودة إلى عقود سابقة من العلاقات الإيجابية بين المملكتين السعودية والأردنية، ويستذكر (المواقف التي اتخذها ملوك آل سعود حيال الأردن في الأزمات التي عصفت بالمنطقة)، مشيراًَ إلى أنها (لم تخذل الأردن عند الخطوب).
ويلفت د. أبو عودة إلى (التزام المملكة العربية السعودية بما حمله مؤتمر بغداد عام 1979من مساعدات إلى الأردن، وعدم وقف تلك المساعدات رغم كل الظروف السياسية التي عصفت بالمنطقة)، مؤكداً أن (المملكة العربية السعودية لم تكن يوماً إلا سنداً للأردن).
ويصف د. أبو عودة (السعودية الشقيق الأكبر للأردن)، مشيراً إلى (الثقل والمصداقية السياسية للدبلوماسية السعودية، والمكانة العليا التي صنعها الملوك السعوديون لمملكتهم، والتي انعكست عبر التاريخ باعتبار المملكة محجاً لأطراف الأزمات في المنطقة لإيجاد المخرج لها في كنف خادم الحرمين الشريفين).
زيارات متكررة إلى دمشق..
فيا يتعلق بسوريا فهي تحظى بزيارات مستمرة للتنسيق والتشاور ومواجهة المستجدات.. فزيارات المليك إلى دمشق ولقائه بالرئيس بشار الأسد والمسؤولين السوريين تأتي تزامناً مع دعوات الملك عبدالله للتوحد العربي واكتمال التنسيق فيما بين الدول العربية. ولا سيما في الوقت الذي تصعد فيه إسرائيل عمليات الاستيطان وتوجيه الضربات للشعب الفلسطيني الأعزل.
وزيارات خادم الحرمين الشريفين إلى سوريا تأخذ الطابع الأخوي الرسمي, وتعنى بتأكيد الثوابت القومية وأسس السلام العادل وكان لها تأثيراتها وإيجابياتها الطيبة باتجاه دعم الموقف العربي وضمان وحدته على أسس المطالب العربية العادلة.
لبنان والدور السعودي..
لعبت المملكة دوراً مميزاً في إيقاف هدر الدم العربي في هذا البلد، ووأد مخاطر الحرب الأهلية التي دامت نحو 30 عاماً.. وتمكنت المملكة بدبلوماسيتها المعهودة ووقفتها الثابتة العادلة من جميع الأطراف, فكان اتفاق الطائف، الذي أعلن عن مولد لبنان الجديد والخالي من الحروب ليعود منارة من منارات العلم والثقافة العربية.
وفي 26 آذار 2002م قام الملك عبدالله بزيارة لبنان للمشاركة في مؤتمر القمة العربية ال(14) حيث كانت المبادرة السعودية الموضوع الرئيس للقمة والتي عرفت باسم (قمة المبادرة التاريخية) حيث تنص على إقامة علاقات عادية مع (إسرائيل) مقابل انسحابها من كل الأراضي التي احتلتها عام 1967م، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبيروت تلك عكست اهتمام المملكة بلبنان وعودة الأمن والاستقرار إليه.
كما أكدت تلك الزيارة على عمق العلاقات السعودية - اللبنانية, وأكدت بما لا يدع مجالاً للشك وقوف المملكة العربية السعودية مع لبنان في السراء والضراء.
المغرب.. يحظى باهتمام المليك
كانت الزيارة الأولى لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهذا البلد في 24 جمادى الأولى 1405هـ للمشاركة في مؤتمر القمة العربي الطارئ, كما قام المليك بزيارة رسمية للمغرب حيث ترأس وفد المملكة إلى مؤتمر القمة الإسلامي السابع في الدار البيضاء في 13 رجب 1415هـ، وهي تندرج في سبيل دعوة المملكة المستمرة في توحيد الصف الإسلامي.
وفي مبادرة كريمة من خادم الحرمين الشريفين ثم إنشاء مؤسسة الملك عبدالعزيز آل سعود للدراسات والعلوم الإنسانية في المغرب، كصرح من صروح العلم والفكر.
وفي الثلاثين من ربيع الثاني للعام 1428 قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيارة رسمية إلى المملكة المغربية الشقيقة وتم خلالها لقاءات مهمة رافقتها احتفالات رسمية وشعبية وأهازيج مرحبة بالزيارة الكريمة. فقد عقد خادم الحرمين الشريفين مع أخوه الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية اجتماعاً ثنائياً في مدينة فاس تصدرته تطورات القضية الفلسطينية والأوضاع في العراق ولبنان.
وأكد الجانبان رفضهما التدخل الخارجي في الشؤون العربية، وضرورة أن تتحمل الدول العربية مسؤولياتها تجاه قضاياها المصيرية بالاعتماد على الله ثم على أبنائها.
كما أكد الزعيمان على أهمية ترسيخ الهوية والثقافة الوطنية التي تنبع من الإسلام ومنهجه القويم. وشهد خادم الحرمين وملك المغرب مراسم توقيع خمس اتفاقيات بين المملكة والمغرب في مجالات مختلفة تشمل التنسيق بين وزارات الخارجية والشؤون الإسلامية في البلدين والتعاون في مجال السياحة ومنح المملكة المغرب قرضاً لتمويل مشروع سد في تاسكورت في المغرب.
وقام خادم الحرمين بزيارات متعددة غير ما تم ذكره للمغرب التقى خلالها الملك محمد السادس وبحث معه قضايا الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي والعلاقات الثنائية التي تهم البلدين.
ومما جعل العلاقة السعودية مع دولة المغرب أو غيرها من الدول العربية قوية وراسخة دوماً, ذلك الاهتمام الذي يكنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز للشعوب العربية عامة, ومحاولته الدائمة لجمع العرب والمسلمين على طاولة واحدة من الوفاق والتفاهم, وطرح ومواجهة جميع الأزمات العربية بكل جرأة ومهارة, مستعيناً بعد الاعتماد على الله -سبحانه وتعالى -على تلك القدرة الفائقة التي يتميز بها - حفظه الله-على نقد الذات العربي لمعالجة المشكلات من جذورها وحل الخلافات بكل شفافية من دون التحايل عليها.