تحل الذكرى السنوية الثالثة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أمد الله في عمره- مقاليد الحكم في بلادنا الغالية، فقد تولى -حفظه الله- الحكم في (26-2-1426هـ) بعد العديد من المسؤوليات التي اضطلع بها رعاه الله في سبيل خدمة دينه ووطنه وأمته العربية والإسلامية، والعمل لما فيه خير الإنسانية جمعاء؛ فقد تولى مسؤولية الإشراف على الحرس الوطني سنة (1382هـ)، وقد عمل -أيده الله- على بناء الحرس الوطني إلى أن أصبح أحد القطاعات العسكرية المهمة في بلادنا والتي تتولى مسؤولية الدفاع عن ديننا ووطننا، كما عمل الملك عبدالله وفقه الله على أن يكون الحرس الوطني بالإضافة إلى ذلك منارة للثقافة ومعقلاً للفروسية والموروث الشعبي، فمنذ سنة (1405هـ) والحرس الوطني ينظم سنوياً المهرجان الوطني للتراث والثقافة حيث تعرض في هذا المهرجان صور التراث الشعبي السعودي، وتقام خلاله الفعاليات الثقافية.
وفي سنة (1395هـ) عهد إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -وفقه الله- مسؤولية جديدة عندما عين من قبل أخيه الملك خالد بن عبدالعزيز يرحمه الله نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء بالإضافة إلى استمراره في قيادة الحرس الوطني.
وفي سنة (1402هـ) عين من قبل أخيه الملك فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله- ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء بالإضافة إلى استمراره في الإشراف على الحرس الوطني وهو ما ترتب عليه زيادة مسؤولياته -حفظه الله- حيث شارك في صنع القرارات المهمة. وقد عرف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حتى قبل توليه الحكم بعدد من الخصال الحميدة ومنها تواضعه الجم وبساطته وحبه لشعبه واهتمامه بشؤونهم.
فقد كان حفظه الله يستقبل المواطنين مرتين في الأسبوع إحداهما في مكتبه والأخرى في قصره وكان -ولا يزال- يسمح لكل مواطن بأن يجلس أمامه ليشرح له مشكلته ثم يوجه أيده الله بإيجاد الحل المناسب لها.
أيضاً تفقده لأحوال المواطنين بصفة شخصية، فجميعنا يتذكر تلك الزيارة التاريخية التي قام بها لأحد الأحياء القديمة بالعاصمة الرياض، فقد شاهدناه - سلمه الله- يتنقل من منزل إلى منزل رغم بساطة تلك المنازل مما كان له أثره المعنوي الكبير على المواطنين سكان ذلك الحي وغيرهم، وفي موقع آخر شاهدنا الملك عبدالله -نصره الله- وهو يتجه مباشرة من خارج المملكة إلى منطقة جازان ليكون بين الإخوة المواطنين هناك عندما كانوا يعانون من مرض حمى الوادي المتصدع حيث قال -أطال الله عمره- قولته المشهورة (ليست حياتي أغلى من حياة إخواني المواطنين).وقد لاقت هاتان الخطوتان من خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- ترحيباً كبيراً من كافة المواطنين لشعورهم بأن قائدهم معهم في أفراحهم وأتراحهم، كما أن هاتين الخطوتين التاريخيتين قد استرعت انتباه المراقبين الدوليين بالتقدير والإعجاب.
* عنايته -حفظه الله- بكتاب الله العظيم وبدينه الحنيف؛ فبعد توليه مقاليد الحكم آثر لقب خادم الحرمين الشريفين بدلاً من لقب صاحب الجلالة كما أنه في الأيام الأولى من توليه الحكم توجه إلى المشاعر المقدسة فوجّه -أدام الله وجوده- بإقامة جسر الجمرات الذي كان له أثره البالغ في تخفيف الزحام على حجاج بيت الله الحرام، كما يحرص خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- على أن تتلى آيات الله وتفسر في مجلسه ومكتبه كما هو مشاهد باستمرار.
* اهتمام خادم الحرمين الشريفين بقضايا أمته العربية والإسلامية، ويلاحظ ذلك في العديد من المواقف التي صدرت عنه حفظه الله ومن ذلك ما يلي:
- جهوده التي أدت إلى رفع الحصار عن ليبيا الذي استمر سبع سنوات.
- مبادرته التاريخية لإحلال السلام في الشرق الأوسط والمستندة على مبدأ الأرض مقابل السلام والتي لاقت قبولاً لدى العرب وترحيباً من المجتمع الدولي.
- قيامه -رعاه الله- بجمع القيادات الفلسطينية حول طاولة واحدة في مكة المكرمة من أجل الوصول إلى حل الخلافات بينهم.
- جهوده -حفظه الله- في حل الخلاف بين السودان وتشاد عندما جمع بين رئيسي الدولتين في العاصمة الرياض.
- حرصه على عودة الأمن والاستقرار للعراق عندما هيأ لاجتماع القيادات العراقية في مكة المكرمة، وعدم انحيازه لفئة دون أخرى.
- حرصه -أيده الله- على إحلال الوفاق والتفاهم والاحترام المتبادل بين اللبنانيين بدل الفرقة والخلاف.
- توسطه -أيده الله- بين باكستان المسلمة والهند الصديقة لحل الخلاف بينهما حول قضية كشمير.
- اهتمامه -حفظه الله- بالإنسانية كافة وحرصه على أن تعيش في جو يسوده الاحترام والتفاهم ومما يدل على ذلك الجهود التي يبذلها في القريب بين الحضارات والأديان.
* إعماله مبدأ العدالة والمساواة بين سائر المواطنين والمناطق فنحن جميعاً نسمع توجيهاته المستمرة -رعاه الله- بأنه لا فرق بين مواطن وآخر أو بين منطقة وأخرى، فهو حريص على أن تصل الخدمات لكل المناطق والرفاهية لسائر المواطنين.
جهوده المستمرة في القضاء على الفكر المتطرف الذي أدى إلى تحويل بعض الشباب إلى أدوات للإرهاب مما أساء إليهم وإلى دينهم وبلادهم، ومن تلك الجهود دعوته -أيده الله- لمن غرر بهم إلى العودة إلى الطريق الصحيح والاندماج في المجتمع مع ملاحقة من استمر منهم على ضلاله، وقد أسفرت هذه الجهود المباركة من خادم الحرمين الشريفين إلى نجاحات كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب فقد عاد الكثير من الشباب المغرر بهم إلى جادة الصواب، أما من ركب رأسه منهم فقد كان مصيره الفشل والانهزام، وقد ترتب على هذه الجهود توقف الإرهاب وحلول الأمن والاستقرار.
* اهتمامه رعاه الله بضرورة إنجاز المشروعات في أوقاتها المحددة وضرورة متابعة المسؤولين لذلك، وهو دليل على اهتمامه أيده الله بحياة مواطنيه.
* حرصه حفظه الله على أن يكون جهازنا الإداري خالياً من الفساد الإداري والروتين والتسيب والإنفاق غير المنظم، ولذلك فإن توجيهاته المستمرة في هذا المجال تحث على الانضباط والتقيد بالأنظمة وقصر المزايا الوظيفية على ذوي الكفاءة والجدارة من الموظفين.
* اهتمامه -أيده الله- بالجانب الإنساني ليس فيما يخص شعبه الوفي فقط، بل بالبشرية جمعاء ويلاحظ ذلك من خلال حرصه على تهيئة العلاج على نفقته الخاصة للحالات المستعصية وبالذات حالات فصل التوائم.
* اهتمامه -رعاه الله- بالجانب العلمي والثقافي عندما أمر بتأسيس مكتبة الملك عبدالعزيز العامة لتكون مرجعاً للباحثين والقراء، ثم مؤسسة الملك عبدالعزيز للموهبة والإبداع من أجل رعاية من أنعم الله عليهم بنعمة الموهبة والإبداع من شباب بلادنا.
* اهتمامه بضرورة سلوك الأسلوب الوسطي في الشريعة الإسلامية لكون ذلك يتفق مع روح الإسلام وأهدافه، فالإسلام دين السماحة المبينة على الوسطية ونبذ الغلو والتطرف والعنف.وبعد، فإن ما أوردناه مما تقدم هو بعض مما قدمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- لشعبه وأمته وللإنسانية جمعاء ومن أجل ذلك حظي -أيده الله- بمحبة وتقدير شعبه وأمته والإنسانية جمعاء.