ونحن نعيش الذكرى الثالثة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله نستذكر قوة التلاحم بين ثلاثة أضلاع لوحدتنا تتمثل في قيادة حكيمة ووطن معطاء وشعب وفي وهذا ما يميز هذا الكيان الحضاري الذي أخذ بأسباب الحياة العصرية بخطى ثابتة وراسخة رسوخ هذه الأرض المباركة ببركة البيت العتيق ومسجد رسوله الكريم الذي جعل من هذا الوطن منارة فكر للبشرية بل ومركز إشعاع للمسلمين في أصقاع المعمورة.
ولعل ما يميز هذه البيعة أننا وفي وسط تلاطم الأمواج العاتية بالشعوب في ظل الحروب والمجاعات والقلاقل والفتن وموجات الغلاء نتمتع نحن السعوديين ومن يقيم بيننا بهذا الأمن الغذائي والمجتمعي الذي يستمد ثباته من عقيدتنا الإسلامية الصافية المنابع ومن مبدأ الثقافة المنضبطة التي تأخذ بالأسباب العصرية دون إقصاء للفكر العالمي طالما أنه يتسق مع ثقافتنا ولا يمس ثوابتنا التي تعتبر لدى هذه القيادة خطا أحمر لا يجوز الاقتراب منه فضلا عن أن يخترق من قبل أي جهة كانت.
إن المتتبع للفعل الثقافي والمنجز الحضاري لبلادنا في أقل من ثلاثة أعوام ليؤمن إيماناً صادقاً أن خلف هذه العطاءات الثقافية فكر نير يؤمن بأن عقل الإنسان هو النبع الذي تستلهم منه ثقافة المجتمع فعلها ونتاجها الثقافي ولا أدل من أن الملك عبد الله يعلن أمام الملأ أن مبدأ الحوار ولغة الحوار المباشر وقبول الرأي ونبذ سياسة الإقصاء وإتاحة الفرصة للمشورة والمساهمة في الإصلاح الشامل عناوين عريضة لسياسة هذه البلاد وهذا بالتأكيد ما جعل المثقفين من الجنسين يطلون بعقولهم من نوافذ شتى للتعبير عن مخزونهم الفكري الثقافي عبر فضاءات ارتقت بالحراك الثقافي الذي شهدته أروقة أنديتنا الأدبية الرسمية والصوالين الثقافية وكذا وسائل الإعلام (المقروء والمسموع والمرئي) انفجار حرية الفكر عبر البوابات الإلكترونية ولم ينحصر ذلك الفعل على هذه القنوات بل تزامن معه فتح الجامعات في كل منطقة والكليات في المدن والمحافظات وإنشاء المجالس البلدية وإعادة تشكيل مجالس الأندية الأدبية وتغذيتها بالشباب الصاعد وكذا الحوار الوطني الذي جاب أرجاء المملكة في نقاشات لا تنقصها الصراحة للجنسين إلى جانب إشراك المرأة في ميادين العمل والحوار والرأي الاعتزاز بدورها في المجتمع ومؤسساته الرسمية والأهلية والثقافية ودورها في تربية الأجيال وفي وسط هذه المنجزات يقف منتدى حوار الحضارات الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين ورعاه بنفسه ليشكل واسطة العقد في منجزنا الثقافي المنضبط بضوابط مبادئ الدين الإسلامي وقيمه وخصوصيته التي تأبى المساس بالثوابت التي كما قال يحفظه الله في كلماته عدم قبول المساومة في الدين والوطن وهكذا فعل.
إن المراقب للشأن الثقافي والراصد لنشاطه ليقول وبكل إنصاف أننا نعيش طفرة في تسابق مع الزمن من خلال ما يقدم المثقفون والمثقفات من أطباق ثقافية شهية في مجال الشعر والرواية والقصة والنقد الأدبي الهادف ونشاط المسرح السعودي والفنون التشكيلية ومنابر الأندية الأدبية وإقامة المؤتمرات التي تعالج الكثير من قضايا المجتمع وتطرح آرائه وأفكاره على بساط البحث دون مصادرة لرأي يصب في مصلحة الوطن والمواطن كذلك ما تقوم به جمعيات الثقافة والفنون من إحياء لفلكلورنا الشعبي الذي يعبر عن إرث ثقافي مميز في الوقت الذي شهدت برامج الترجمة وجوائز المبدعين والعلماء والمبرزين شروق شمس جديدة ومتجددة من الوفاء وتكريم الرواد في مجال التربية والتعليم والصحافة والمسرح ومن برز في مجال التمثيل وما تشهد الجنادرية من نشاط يتجاوز كونها احتفالية إلى فعل ثقافي ومشهد يستضيف جهابذة الفكر من الداخل والخارج شعرا ونثرا ونقدا وفنونا عامة كما أن الطفل نال نصيبه من اهتمام هذه القنوات الثقافية كما هي المرأة والشباب وأكثر من هذا كله نجد هذا الانفتاح على ثقافات العالم من خلال ابتعاث آلاف الطلاب والدارسين لينهلوا من العلوم العالمية وليعودوا أعضاء نافعين ومواطنين صالحين يستطيعون التعامل مع معطيات العصر بكل جدارة وبوعي حضاري وثقافي يسير بعجلة التنمية للأمام دون تراجع أو ثبات إلا على مبادئ الدين والعقيدة وما جاءت به السنة المطهرة.
* عضو النادي الأدبي بالباحة