خطت الثقافة في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز خطوات كبيرة خلال السنوات الماضية، فقد جرى التوسع في افتتاح الجامعات، فأصبح لكل منطقة جامعتها، ومن المؤمل أن تقوم تلك الجامعات بدور كبير في تشجيع الهجرة المعاكسة، وفي خدمة العلم والثقافة في الميادين المختلفة، وأن تبذل تلك الجامعات جهوداً مكثفة في دراسة قضايا ومشكلات المجتمعات والبيئات والقضايا العلمية المحلية.
من جهة أخرى نلاحظ أن كثيراً من الأندية خرجت من عزلتها وتقوقعها على نفسها بعد إعادة تشكيل مجالس إداراتها، وإعطائها مساحات أوسع وأرحب من الموضوعات الاجتماعية والثقافية والأدبية لتقوم بتغطيتها، بدلاً من الاقتصار على الموضوعات الأدبية المختلفة، وفي ظل هذه التغيرات يمكن أن يطلق على تلك النوادي مسمى النوادي الثقافية بدلاً من النوادي الأدبية، باعتبار الأدب يدخل تحت مسمى الثقافة، وبهذا ينسجم المسمى الجديد مع مسمى الجهة المشرفة على تلك الأندية وهي وزارة الثقافة والإعلام، وتبقى موضوعات الفنون لجمعياتها المتخصصة فيها.
وفي مجال الثقافة لا يمكن إغفال القفزة الكبيرة التي خطاها معرض الكتاب الدولي الذي يقوم على أرض المعارض في العاصمة الرياض، فخلال السنوات الثلاثة الماضية كان معرض الكتاب نبراساً للعلم والمعرفة، واختصر على كثير من المثقفين عناء السفر لحضور معارض الكتاب خارج المملكة وخاصة في مصر، فمعرض الرياض الدولي للكتاب، استقطب أعداداً كبيرة من دور النشر من داخل البلاد وخارجها، وتزامن معه نشاط ثقافي ملموس يتمثل في الندوات والمحاضرات، واللقاءات الإعلامية المختلفة مع المفكرين والأدباء الكبار الذين يأتون من داخل المملكة وخارجها، وأصبحت أرض المعرض تغص بالرواد رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، وأصبح المعرض يشهد زحاماً كثيرة، ربما تخف تلك الزحام بعد الانتقال إلى مقر المعارض الجديد بجوار مركز الأمير سلمان الاجتماعي.
يضاف إلى كل ما سبق، أن مدن المملكة العربية السعودية شهدت خلال الأعوام الثلاثة الماضية مؤتمرات وندوات ولقاءات علمية عالمية عالجت قضايا اجتماعية، واقتصادية، وبيئية، وأمنية وغيرها من مجالات الثقافة والحوار والعلم والمعرفة، وكان لتلك المؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية دورها البارز في معالجة الكثير من القضايا والمشكلات المحلية والعالمية، مثل قضايا الإرهاب، والحوار العالمي، والطاقة، والبيئة، والأسرة، والعولمة، ونقل التقنية، والاستثمار وغيرها من الموضوعات الحيوية والمهمة محلياً وعالمياً.
إن المؤشرات تدل على أن المملكة قادمة بحول الله وقدرته على طفرة علمية وثقافية ومعرفية واقتصادية، سيكون لها تأثيراتها الإيجابية محلياً وعالمياً، فهناك جامعات ومن اقتصادية ومشروعات حيوية في طور الإنشاء مثل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومدينة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وجامعات المناطق المختلفة، وإن على المواطن مسؤولية كبيرة في أن يرتقي إلى المستوى الرفيع الذي يمكنه من استيعاب ومواكبة تلك التغيرات القادمة، وأن يحافظ على قيمة وعقيدته وثقافته التي هي مصدر عزته وتميزه ورفعته بين الأمم والشعوب، نسأل الله أن يديم على وطننا أمنه ورخاءه واستقراره، وأن يوفق قادته إلى كل ما فيه صلاح البلاد والعباد إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام
رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية