«الجزيرة» - حازم الشرقاوي
كشفت ميزانية عام 2008 بُعد النظر الذي يتمتع به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وحرصه الكبير على الجيل الحالي والأجيال القادمة من أبناء المملكة.. وهذا ما أكدته مخصصات هذه الميزانية من خلال الاستمرار في بناء احتياطات الدولة بتخصيص 100 مليار ريال إضافة إلى 100 مليار تمَّ توجيهها العام الماضي ليكون مجمل الاحتياطات 200 مليار ريال، وكذلك إطفاء الدين العام للمملكة بحيث يصل مع نهاية 2007 إلى 267 مليار ريال بما يمثل 19% فقط من إجمالي الناتج القومي السعودي بعد أن كان يتجاوز 600 مليار ريال قبل أكثر من ثلاث سنوات.
ملامح الميزانية
وكانت قد أعلنت وزارة المالية ميزانيتها الجديدة بإيرادات تبلغ 450 مليار ريال ونفقات عامة بلغت 410 مليارات ريال مسجلة بذلك فائضاً قدره 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار)، ومن أبرز ملامح الميزانية العامة تخصيص حوالي 165 مليار ريال لمشاريع تنموية جديدة.
واستعرضت المالية النتائج المالية للعام المالي 2007 حيث يتوقع أن تبلغ الإيرادات بنهايته نحو 621.5 مليار ريال بزيادة مقدارها 221.5 مليار ريال عن المقدَّر لها وقت صدور الميزانية فيما يتوقع أن تبلغ المصروفات الفعلية في نهاية العام نفسه حوالي 443 مليار ريال بزيادة 63 مليار ريال عما صدرت به الميزانية.
وتقرر توزيع فائض إيرادات العام المالي 2007 بواقع 25 مليار ريال لصندوق التنمية العقارية توزع بالتساوي على مدى خمسة أعوام مالية اعتباراً من العام المالي الجديد وبواقع 100 مليار ريال لحساب احتياطي الدولة فيما تم تخصيص الباقي لحساب تسديد الدين العام.
وتشمل الزيادة ما سيصرف من رواتب وبدلات ومكافآت للموظفين ومكافآت الطلبة ونفقات تقاعدية وما في حكمها من الميزانية الحالية وكذلك تشمل دفعات تنفيذ مشاريع للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ومشاريع عسكرية وأمنية ومشاريع أخرى والتكاليف التي ترتبت نتيجة تثبيت بعض فئات الموظفين وزيادة القبول في الجامعات والابتعاث وإعانة القمح والشعير والأعلاف.
هذا ويبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي هذا العام 1.4 تريليون ريال بالأسعار الجارية محققاً بذلك نمواً نسبته 7.1% وأن يحقق القطاع البترولي نمواً تبلغ نسبته 8% بالأسعار الجارية فيما يتوقع أن يحقق القطاع الخاص نمواً نسبته 7.6% بالأسعار الجارية.. أما بالأسعار الثابتة فيتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نمواً تبلغ نسبته 3.5% وكذلك يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 3.1% وأن ينمو القطاع الخاص بالأسعار الثابتة بنسبة 5.9%.
إطفاء الدين العام
ويشير الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الخضر إلى أن إطفاء الدين العام إلى 267 مليار يمثل 19% من الناتج الإجمالي هي أحد أهم العوامل لاستقرار اقتصاديات الدول، وتوجيه 100 مليار لاحتياطي الدولة هي إحدى الدعائم لاستقرار ومواجهة الظروف الاقتصادية الأخرى المصاحبة لذلك، وقال الخضر: إذا نظرنا بشكل موجز وقراءة مجملة لميزانية 2008م.. وكيف تم توجيه الأموال؟.. نجد أن هناك أربعة محاور أساسية أهمها: أنه تم تخصيص حوالي 25% من قيمة إجمالي الميزانية للاستثمار في العنصر البشري واستثمار المورد البشري من خلال مبلغ قيمته حوالي 105 مليارات وجهت للتعليم والتدريب وهو من أهم الركائز التي يُبنى عليها تقدم ورقي الأمم، كذلك لم تغفل الميزانية أهم المفاصل التي تمس الشريحة الكبيرة من المواطنين خصوصاً في القطاع الصحي حوالي 44 ملياراً، والنقل والاتصالات 16 ملياراً.. وأُجمل هذا الملامح في تلك الميزانية أنها أعطت برامج العلوم والتقنية وكذلك الدراسات البحثية التي أخذت موقعها في تلك الميزانية حوالي 8 مليارات ريال.
ويأتي الاهتمام من قبل المختصين وحتى رجل الشارع في ميزانية الدولة لكونها القناة الأهم في ضخ وتحريك عجلة اقتصاد الوطن، هذا وقد حققت المملكة منذ حوالي 4 سنوات منذ عام 2003 فائضاً في ميزانيتها نظراً لاطراد ارتفاع أسعار البترول وقيمة الصادرات السلعية والخدمية، هذا وقد حققت ميزانية عام 2007 مبلغاً يقدر بـ 621 ملياراً بزيادة مقدارها 221 ملياراً تقريباً عن المقرر له وقت صدور الميزانية في نهاية عام 27-28هـ، وإذا نظرنا لميزانية عام 2008 والتي يتوقع أن تبلغ إيراداتها أعلى مستوى إيراد في تاريخ ميزانيات المملكة وهو 450 مليار (تقديرية) وإنفاق يقدر 410 مليارات (تقديرية) بفائض يقدر بـ 40 مليار ريال.
وقال الخضر: فائض الميزانية التجاري لعام 2007 سجل رقماً قياسياً بمبلغ وقدره 555 مليار ريال، وهذا يعطي كثيراً من الاستقرار لموازنة الدولة، وإذا كانت هذه الميزانية اتكأت على ثلاثة محاور أساسية أهمها الاستثمار في العنصر البشري، والبنية التحتية، والاحتياطي العام، وأضاف: على القائمين على رأس كل وزارة أن يسارعوا بتحقيق آمال وطموحات الدولة وذلك من خلال دعم العاملين معهم لتحقيق هذه الطموحات والآمال، كما يجب أن يكون هناك اهتمام حقيقي بالمورد البشري من خلال البنى التحتية المهمة كالتعليم والتدريب وفتح باب القبول في الجامعات بشكل ميسر ومقبول وكذلك رفع مستوى القطاع الصحي وإحداث الوظائف للشباب والعاطل عن العمل ورفع كفاءة الخريج حتى يستطيع المواءمة مع هذا القطاع بشكل يغلق فجوة المخرجات التعليمية عن متطلبات العمل، ودعا إلى سنّ إستراتيجيات واضحة وميسرة لتملُّك كل مواطن لمنزل يؤويه هو وأسرته وكذلك إشاعة ثقافة العمل الحر لدى الشباب من خلال تدريبهم واحتوائهم وتوظيفهم، وكذلك قلب مفاهيم وثقافة الفقر إلى تحويل هؤلاء الفقراء إلى عناصر فاعلة ومؤثرة في المجتمع بشكل ايجابي وفعَّال.