إن تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم يعتبر بكل المقاييس حدثاً وطنياً محملاً بكم هائل من المضامين التاريخية، السياسية والاجتماعية، التي امتزج فيها هذا الكيان الكبير, المملكة العربية السعودية الأمر الذي جعل منه حدثاً جديراً بالتوقف عنده، والحديث عنه، والتأمل فيه.
إن هذه المناسبة تأتي مع التطورات الاقتصادية التي أنعم الله بها على بلادنا، فخلال فترة قياسية من عمر التأسيس أصبحت المملكة من أهم القوى الاقتصادية عالميا، باعتبارها من أكبر مصدري النفط في العالم واحتلالها موقعا متقدما من حيث الواردات عالمياً، ولكونها في الوقت نفسه من أكبر الاقتصاديات في الشرق الأوسط، ولعل الانضمام لمنظمة التجارة العالمية سيدفع بعدد من أهداف السياسات الاقتصادية للمملكة إلى الأمام ومن ضمنها تنويع الاقتصاد والابتعاد عن الاعتماد فقط على سلعة النفط، وأيضاً استحداث الوظائف للسعوديين واجتذاب الاستثمارات الأجنبية.
كما أن ما تم في بلادنا من تطور في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات يعتبر من العلامات البارزة في مسيرة التنمية، وأيضاً دلالة على النجاح الكبير في (مجال التخصيص) لهذا القطاع الحيوي، فتجربة تخصيص الاتصالات السعودية تعتبر نقلة كبيرة في تطور قطاع الاتصالات وانعكاس ذلك بصورة ايجابية على الوطن والمواطن، حتى أضحت الاتصالات السعودية من كبرى الشركات العالمية في هذا المجال رغم الفترة الزمنية القصيرة منذ تأسيسها عام (1998م)، خصوصا إذا قارنا بين بداية دخول الخدمة الهاتفية وإيصالها إلى المشتركين في المملكة قبل أكثر من خمسين عاما، حيث بلغ عدد الخطوط الهاتفية في عام 1388هـ (93) ألف خط هاتفي، ونجدها حاليا وصلت إلى 22 مليون عميل للهاتف والجوال، وبسواعد وطنية سعودية نفتخر بها.
فالإنجازات التي قامت بها الاتصالات السعودية في قطاع الاتصالات ساهمت بشكل كبير في توفير البنية التحتية لهذا القطاع، مما ساهم في نجاح الخطوات التنموية الكبيرة التي قامت بها الدولة بإتاحة الفرصة لدخول مشغلين آخرين في هذا القطاع الحيوي، حيث تفتخر الاتصالات السعودية بانه يعمل لديها أكثر من 20.000 موظف سعودي، كما وتفخر باهتمامها بخدمة كافة مدن وقرى وهجر بلادنا الحبيبة من خلال مد آلاف الكيلو مترات من الألياف البصرية للربط بين المدن, وكذلك تركيب أكثر من (11) ألف محطة قاعدية للجوال وتغطية ما يزيد عن (35) ألف كم من الطرق بشبكة الجوال, كأكبر تغطية جغرافية لشبكة اتصالات في العالم العربي تغطي أكثر من 98% من المناطق المأهولة بالسكان والمناطق الريفية. وتعتبر الشركة مزود خدمات الاتصالات الرئيسي على مستوى المملكة.
وكنتيجة حتمية لإدارة وطنية غيورة على مكتسبات هذا الوطن فقد توالت الانجازات تلو الانجازات حتى أصبحت الاتصالات السعودية من كبريات الشركات الرائدة في مجال الاتصالات على مستوى المنطقة حيث تحتل شركة الاتصالات السعودية مركزاً متقدماً عالمياً ضمن التصنيف العالمي لمشغلي خدمات الاتصالات, فالشركة تصنف ضمن قائمة أكبر(20) مشغل خدمات اتصالات في العالم من حيث الإيرادات، وتصنف ضمن قائمة أكبر( 15) مشغل خدمات اتصالات من حيث الربحية، كما أن الاتصالات السعودية تحتل مركزاً متقدماً ضمن أكبر( 15) شركة مختلفة النشاطات في الأسواق العالمية الناشئة
في عام 2007 م صنفت الاتصالات السعودية حسب تقرير لصحيفة Financial Times اللندنية كإحدى أكبر شركات الاتصالات وحلت في المرتبة 121 على مستوى الشركات في العالم من حيث القيمة السوقية بعد أن صعدت 67 مرتبة مقارنة بالربع الثاني من العام 2006م، وتحتل الاتصالات السعودية المرتبة الثامنة من بين الشركات العالمية التي تقدم خدمات الهاتف الثابت مرتفعة عن المرتبة الحادية عشرة التي سجلتها سابقاً. كما حصلت الشركة على الجائزة الاقتصادية الخليجية في العام 2006م من قبل معهد الشرق الأوسط للتميز (داتا ماكس) بالإضافة إلى تحقيقها المركز الأول من بين مزودي خدمات الهاتف الثابت في قارتي أوروبا وآسيا.
وسبق للاتصالات السعودية أن حصلت على جوائز عديدة منها المركز الثاني عشر من بين أكبر الشركات الجديدة حسب مجلة Business Week في العام 2002م، كذلك المركز 35 من بين أكبر مزودي خدمات الاتصالات من قبل CWI في نفس العام، وأول شركة خليجية من قبل Gulf Business في العام 2004م، بالإضافة إلى جائزة ثاني أكبر شركة سعودية من قبل جريدة الاقتصادية في العام 2005م، كما تم إدراج الاتصالات السعودية في كتاب جينيس للأرقام القياسية (Guinness Book of World Records) لتجاوزها الرقم القياسي العالمي في رعاية جميع أندية الدوري الممتاز السعودي في كرة القدم, كما حصدت شركة الاتصالات السعودية جائزة أفضل شركة اتصالات لعام 2008م والذي نظمتها مجلة أريبيان بزنس لقطاع الأعمال السعودي, ومؤخراً حصلت الشركة على جائزة المسئولية الاجتماعية على مستوى الشركات في الشرق الأوسط مؤكدةً إلتزام الاتصالات السعودية على الدور الريادي للشركة وأنها مثال يحتذى به في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات حيث إنها جزء من المجتمع وتعكس قيم المملكة العربية السعودية والتطور الذي تعيشه اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً. والاتصالات السعودية لاعب رئيسي في ابتكار البرامج التعليمية والصحية الموجهة للمجتمع.
وبعد النجاح الذي حققته الاتصالات السعودية على الصعيدين المحلي والإقليمي سعينا لان نكون إحدى الشركات المؤثرة والفاعلة في قطاع الاتصالات على المستوى الدولي، فمن بين أهداف الشركة التي نضعها نصب أعيننا استمرار التوسع في الأسواق الناشئة التي تتمتع بفرص نمو كبيرة لتحقيق مصادر دخل مستمرة ومتنامية على المدى الطويل, حيث شهد هذا العصر الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أول انطلاقة للاتصالات السعودية إلى العالمية محققة بذلك لها وللوطن التنوع الجغرافي للاستثمار في الاقتصاديات المختلفة، من خلال استثماراتها الخارجية والذي انضمت من خلاله الشركة إلى هذا التوسع والاستثمار الخارجي، حيث قامت الشركة بالاستحواذ على 25% من شركة ماكسيس الماليزية و51% من شركة NTS الإندونيسية، والفوز بالرخصة الثالثة للجوال في دولة الكويت وشراء 35% من شركة أوجيه تليكوم وبهذا تكون الشركة وسعت تواجدها في الخليج، جنوب شرق آسيا، جنوب أفريقيا وأوروبا وذلك لتحقيق أحد أهدافها الإستراتيجية وهو تنمية أرباح الشركة من العمليات الخارجية.
وكل هذه الإنجازات ما كانت لتتحقق لولا فضل الله سبحانه وتعالى ثم الدعم والرعاية المتواصلة من حكومتنا الرشيدة في سبيل تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، ويسرني نيابة عني وعن كافة منسوبي شركة الاتصالات السعودية أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وللشعب السعودي الكريم بمناسبة هذه الذكرى التاريخية التي تأتي مع المنجزات الحضارية التي نحتفل بها.
(*) رئيس شركة الاتصالات السعودية