في معالجة العنف مع النساء، لم يعتن الخطاب الديني الدعوي بالبحث والتنقيب عن سماحة الإسلام وأخلاق الفروسية التي يتسم بها والنبل العظيم الذي وجه به الدين القويم كي يتعامل من خلاله الرجال مع النساء! انشغل هذا الخطاب بوجوب طاعة الزوج درءاً لتعرضها للعنف!!!
** مقولة الرسول صلى الله عليه وسلم (لن يضرب خياركم) تستحق أن توظفها هيئة حقوق الإنسان الوطنية في حملتها الجديدة التي تستهدف رفع الظلم ومنع العنف تجاه الأطفال والنساء وقد اختارت شعارين لكليهما على الترتيب (أنا بشر) و(أعرف حقوقك)..
وأقترح على هيئة حقوق الإنسان استثمار المخزون الديني الهائل في الموروث الإسلامي الذي غيّب عنا عقودا طويلة ولم يظهر منه إلا ما يناسب رؤى واجتهادات المتحدثين والمؤلفين للكتب والدعوة.
** قالت لي امرأة إن رجل خير توسط لإصلاح أمرها مع زوجها فطلب منها أن ترعى وتنفذ طلب زوجها وهو أن تكتب له رسالة جوال نصها (مستعدة أن أكون خادمة لك ولأولادك).. وكان رجل الخير يرى إن في ذلك خضوعا لا بأس به لإصلاح ذات البين..!
** قلت لها.. نحن في هذه الدنيا نخدم بعضنا بعضاً، فالأم خادمة لأبنائها والزوجة المحبة تخدم زوجها من كرم نفسها ثم إننا وعلى رأي وزير العمل السعودي خادمون بطريقة أو بأخرى البائع يخدمني، وأنا أخدم آخرين في عملي، الحياة بوابة مشرعة لنا جميعاً.. تتماس فيها أكتافنا روحة وجيئة، نعمرها ونبقيها لغيرنا ونمضي..
** رجل الخير ومصلح ذات البين لِمَ لمْ يحدث الزوج بأن الزوجة ليست خادمة، لِمَ لمْ يحدثه عن فاطمة بنت رسول الله واشتراطها للخادم في بيتها، لِمَ لمْ يحدثه عن سيد الخلق وهو يقضي وقته في مهنة أهل بيته حتى إذا جاء وقت الصلاة توضأ وخرج للصلاة كما في قول عائشة رضي الله عنها.. لمَِ لمْ يحدثه عن غسله صلى الله عليه وسلم لثوبه.
** إن الصورة الذهنية التي ظلت تبث للرجل عبر سنوات ممتدة عن المرأة وأنها كائن أدنى من الرجل أدى إلى ظهور ردة فعل صادمة عند بعض الرجال الذين فوجئوا بأن زوجاتهم لسن كأمهاتهم وإن الوعي بالحقوق والمكانة الإنسانية المساوية له وإن اختلفت الأدوار أوجد امرأة مختلفة.. تهب من كريم نفسها الكثير لكنها ترفض حين يكون ذلك فرضاً وغصباً!
** أعتقد أن هيئة حقوق الإنسان الوطنية ووزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الثقافة والإعلام بحاجة إلى عقد برامج عمل مشتركة تسهم في إحداث تعديلات جوهرية في بنية الخطاب الدعوي الموجه لقضايا المرأة، إذ لا بد من استثمار حجم التأثير الكبير الذي يؤديه هذا الخطاب في أذهان وقلوب وسلوكيات الناس وبث رسائل حقوقية مستمدة من المخزون الإسلامي الهائل، المهم أن يُكشف عنه بكل جرأة وقوة، وما قصة المرأة التي طلبت من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يطلقها من زوجها لأنه دميم ولا تقبله فردت إليه صداقه وطلقها..
وغير هذا كثير مما يدل على أن المرأة في الإسلام حرة لا تضام ولا تهان.. ويكفي قوله صلى الله عليه وسلم ليكون شعاراً لحملة عالمية ضد العنف تجاه المرأة.. (لن يضرب خياركم)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).
Fatemh2007@hotmail.com