نيويورك - رويترز
يرى محلّلون أن شبح التضخم وموجة الهبوط في أسواق الأسهم قد تكون عوامل قوية تنبئ بإثارة اهتمام المستثمرين بالذهب، الذي يبدو أنه سينتعش ليلحق بركب السلع الأولية الأخرى التي تخلف عن الصعود معها في عام 2008م. فلقد كان الذهب يتحرك غالباً خطوة بخطوة مع النفط بسبب جاذبية الذهب كوسيلة للتحوط من التضخم لكنه في الأشهر القليلة الماضية لم يساير أسواق الطاقة والحبوب التي ارتفعت إلى مستويات قياسية عالية.
غير أنه في أعقاب قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) الأسبوع الماضي ألا يرفع أسعار الفائدة مع تحذيره من أن التضخم لا يزال خطراً متنامياً، فقد تجدد الاهتمام فجأة بالذهب، ما يبدو أنه أحيا ارتباطه الطردي بالنفط.
وينبئ هذا بأن الذهب سوف يستفيد مع استمرار التضخم في بث الفوضى في أسواق الأسهم وتقليص قيمة الدولار ودفع مستثمري الأسهم إلى البحث عن عوائد في مكان آخر.
وقال بيل أونيل الشريك المنتدب لشركة السلع الأولية لوجيك ادفايزورز في ابر سادل ريفر بولاية نيوجيرزي (إن صعود سوق الذهب في الآونة الأخيرة يظهر أن الشكوك والمخاوف ما زالت قائمة وهموم التضخم، لغياب بيان قاطع من مجلس الاحتياطي الاتحادي كانت عامل دعم للمعدن).
ويوم الخميس قفزت أسعار العقود الآجلة للذهب في السوق الأمريكية نحو أربعة في المئة مسجّلة أكبر زيادة لها في يوم واحد بالدولار منذ عام 1985إذ تسببت مخاوف أسواق المال وأسعار النفط القياسية المرتفعة في هبوط حاد للأسهم العالمية. ومع أن الذهب فقد عشرة في المئة بعد أن سجل المستوى القياسي المرتفع 1030.80 دولار للأوقية في 17 من شهر مارس، فإن المعدن النفيس ما زال سعره مرتفعاً عشرة في المئة عما بدأ به العام مقارنة مع هبوط نسبته 12 في المئة في مؤشر الأسهم العالمية ذي القاعدة العريضة (ام.اس.سي.آي ايه سي.دبليو.آي). ويوم الجمعة انخفض مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الأمريكية الكبرى في إحدى المراحل أكثر من 20 في المئة دون ذروته في أكتوبر عام 2007م، ليصبح على أعتاب سوق نزولية حسب تعريف وول ستريت بينما أغلقت العقود الآجلة الأمريكية لتسليم أغسطس مرتفعة نحو اثنين في المئة عند 931.30 دولار.
وقال أونيل الذي قلّصت شركته استثماراتها في الذهب بمقدار النصف منذ مارس إن أدنى سعر للمعدن النفيس 845 دولاراً في الثاني من مايو - آيار من المتوقع أن يكون أدنى مستويات هذا العام.
وقال مراقبون إنه في الوقت نفسه فإن الذهب من المتوقع أن يرتفع قريباً مسايراً النفط بعد أن انكسر بصورة مؤقتة الارتباط الطردي بينهما بسبب انتعاش الدولار في الأشهر القليلة الماضية. وينظر إلى الذهب أيضاً بوصفه عملة بديلة لخضراء الظهر.
وأيضا فإن قوة الذهب لشراء النفط تبلغ أدنى مستوى لها الآن بعد أن قفز النفط نحو 50 في المئة حتى الآن هذا العام. ويوم الجمعة كانت أوقية الذهب تشتري فحسب 6.53 برميل من النفط وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2005م. وفي مارس كانت الأوقية تشتري أكثر من عشرة براميل.
وقد يكون صعود الذهب في الآونة الأخيرة وهو مقياس تقليدي للتضخم وملاذ آمن للاستثمار وقت الأزمات إيذاناً بأن التضخم قد يتفاقم وفوضى أسواق المال قد لا تزول قريباً.
وقال روبرت لوتس الرئيس وكبير مسؤولي الاستثمار في مؤسسة كابوت مني مانجمنت وقيمتها 500 مليون دولار في سالم بولاية ماساتشوستس إنه يتوقع أن يقبل مزيد من المستثمرين على شراء الذهب لتنويع استثماراته.
ويتبنأ لوتس الذي ينصح زبائنه بتملك ما بين خمسة وعشرة في المئة من استثماراتهم من منتجات المعادن النفيسة أن يبلغ سعر الذهب 1500 دولار خلال الثلاثة الأعوام القادمة.
وحذر مديرو صناديق استثمار آخرون من أن سوق السلع الأولية قد تكون متقلبة وهناك مخاطر مرتبطة بأي استثمار.
وقال اكسيل ميرك مدير صندوق استثمار ميرك للعملات الصعبة في بالوالتو بكاليفورنيا الذي يدير موجودات قيمتها 400 مليون دولار: (لم يعد هناك وعاء استثماري آمن. والنقد ليس وعاء آمناً والسلعة الأولية ليست سوى وسيلة للتنويع في عالم لا يوجد فيه ملاذ آمن).