جدة - منى الشريف
قطاع كبير من الشباب السعودي يرتهنون لفكرة الوظيفة الجاهزة؛ لذا لا يجدون أدنى عناء في تعليق كل إخفاقاتهم على شماعة انعدام فرص العمل لتبرير بقائهم أرقاماً ظاهرة في معدلات البطالة، غير أن الواقع ينطق بنماذج حية من حيث الحركة، وفاعلة من حيث الإنتاجية، نماذج شرفت الوطن وتشرف بها، تتمثل في شباب سعودي قهر الصعوبات وتجاوز منعطف المستحيل، عندما نزل إلى الواقع وبحث في دروب الحياة عن عمل شريف يحقق اللقمة الحلال والحياة الكريمة، ويؤكد أن البداية في المبادرة والنجاح محصلة الاجتهاد.
ماجد الحازمي شاب سعودي لم يجد وظيفة لكنه ابتكر العمل الذي يغنيه عنها، فلقد تخلقت فكرته في جلسة شبابية، وتطورت حتى أصبح حلمه حقيقة، وثابر هو وزملاؤه ليثبتوا كفاءتهم وقدرتهم كشباب مكافح من خلال مشروعهم الخاص.
يقول الحازمي عن فكرة المشروع إنها أتت عندما كنت وبعض الأصدقاء مجتمعين كالعادة، فوضع كل منا فكرة قابلة للتنفيذ، وخلال دائرة النقاش تشكلت الفكرة عن إنشاء هذا المشروع، الذي يقوم على تقديم الخدمات بتوصيل الطلبات، سواءً كانت وجبات غذائية أو أغراضاً عادية مهما كان نوعها أو حجمها للأفراد والشركات ولجميع شرائح المجتمع، كتوصيل المكتبات والهدايا والمواد الغذائية ووجبات المطاعم وغير ذلك، حيث إن وضع المجتمع بجدة في حاجة إلى مثل هذه الخدمة بسبب زحمة الطرقات، وتعذر بعض المواصلات وعدم وجود السائقين لدى بعض العوائل، فأصبحت مشكلة توفير احتياجاتهم أمراً صعباً للغاية، خصيصاً شريحة السيدات، فجاءت مساعدتنا مقابل أجر معقول - والحديث للحازمي - في محاولة تخفيف الزحام في الطرقات إذا ما عممت الفكرة بشكل أكبر؛ كي تمنح بعض الراحة لربات البيوت وأفراد المجتمع بجميع شرائحهم، مع مراعاة أن سياسة المشروع تمتنع عن توصيل ما كان مخالفاً لتعليمات الدولة والإجراءات الحكومية. مشيراً إلى أن الشريحة الكبرى المستفيدة من خدماتهم هي شريحة السيدات بنسبة 90%.
ولأن فكرة المشروع تبدو غير مألوفة فقد كانت ردة الفعل مستغربة، ولكن تدريجياً بدأ الاقتناع بالفكرة أكثر فأكثر من قِبل الناس والمحيطين بهم؛ حيث يذكر الحازمي أن المرحلة الأولى لإطلاق المشروع كان فيها صعوبة إلى حد ما، خاصة نقص السيولة وقلة رأس المال، وتكاليف شراء السيارات واختيار مقر المشروع بتكلفة أقل من العادية، إضافة إلى إحضار سائقين من ذوي الخبرة في مدينة جدة، بالإضافة إلى فن التعامل مع العملاء.. وقد استغرقت حوالي شهر ونصف الشهر إلى شهرين، وقد عانينا فيها.
أما عن التطلعات المستقبلية فيؤكد ماجد الحازمي أنها محددة بتطوير الفكرة، من حيث طريقة التوصيل وآلية العمل والاعتماد على الوسائل الحديثة في التعامل مع الطلبات، وإن شاء الله توجد لدينا فكرة لو طبقت خلال بضعة أشهر سوف نوحد الأسعار بنسبة 90% على مستوى أنحاء جدة.
هذا المشروع العملي الذي تبلور من فكرة عابرة التقطتها همة الشباب العالية يمكن أن يكون أنموذجاً يعزز فرص تنويع العمل، من خلال دعم رجال المال والأعمال والشركات ذات الشعور الوطني الحيّ، لتبنّي أية فكرة خلاقة، وهذا ما دعا له ماجد الحازمي الذي أكد على دور رجال الأعمال والشركات السعودية الكبرى للمشاركة الفاعلة في خلق بيئات عمل تستقطب الشباب وتسهم في مكافحة الفقر.