مدَّ أمد الأزمة، وتنويع مواقع الصدامات الأمنية، والعمل على توسيع جغرافية التفجيرات والاختراقات، التي تهز الاستقرار لتحقيق أهداف سياسية نوعا من أساليب إدارة الصراع، ولكنه للأسف أسلوب سلبي ومدمر، ضحاياه من المدنيين الأبرياء الذين يدفعون الثمن لقضية هي ضد مصالحهم الوطنية والحياتية. وهذا بالضبط ما يحصل في لبنان الآن فمن أجل تعطيل استحقاقات اتفاق الدوحة الذي ألزم القادة السياسيين اللبنانيين بإنجاز انتخاب رئيس توافقي للبنان، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ومن ثم اجراء انتخابات برلمانية نزيهة.
هذه الحزمة من الاستحقاقات التي نفذ البند الأول منها، وهو اكمال انتخاب رئيس للبلاد، واملاء الموقع الرئاسي الأول والأهم والذي ظل شاغراً أكثر من نصف عام، ثم توقفت عجلة تنفيذ الاستحقاقات ومنها تشكيل حكومة متجانسة تكون قادرة على اكمال ما تبقى من استحقاقات ومن أهمها اعادة السلم الاجتماعي وتخفيف الاحتقان الطائفي حتى يتسنى اجراء انتخابات تكمل مثلث السلطات الثلاث، ولهذا ولكي يتم الوفاء بهذه الاستحقاقات التي بذلت الدول العربية ممثلة بجامعة الدول العربية التي شكلت وفد الوساطة الحميدة برئاسة رئيس وزراء دولة قطر التي قامت بجهد كبير قاده أمير البلاد ورئيس وزرائه واشتركت فيه كل القيادات السياسية هذه الجهود القطرية المؤزرة من قبل جميع الدول العربية وبالذات المؤثرة اقليمياً أنجز اتفاق الدوحة الذي بدأ بداية جيدة بانجاز الخطوة الأولى والتي تمثلت بانتخاب رئيس الجمهورية وكان مؤملاً أن يتم تشكيل الحكومة، إلا أن الجهات التي أوصلت لبنان إلى الوضع الذي كاد أن يدمره ويقسمه ويفرقه في أتون الحرب الأهلية، فهذه الجهات التي تخدم أجندة أملتها عليها جهات اقليمية وأجنبية معروفة تماماً للبنان وبتلاقي مصالح هذه الجهات مع أشخاص يعيشون أحلاماً فرضتها أطماع شخصية غارقة في قوقعة (الأنا) ليؤدي تحالفها إلى تأخير استحقاقات اتفاق الدوحة، مرة بإثارة اشتراطات تعجيزية تعرقل تشكيل الحكومة الوطنية ومرة باثارة الاشتباكات والمعارك ذات الطابع الطائفي، وكل هذا يدخل في مفهوم ادارة الصراع خدمة للمصالح الاقليمية الأجنبية وأطماع شخصية لارضاء أنانية الفرد المتجذرة في عقلية الاشخاص أصحاب النزعات الدكتاتورية.