تعودنا من آن لآخر أن يظهر لنا في وسائل الإعلام المختلفة مقروءة ومسموعة ومرئية من ينصب نفسه مدافعا عن حقوق المرأة أو من ينصب نفسه وصياً عليها، وتجد أن الطرفين في أطروحاتهما على طرفي نقيض، هذا يريد أن يذهب بها بعيداً إلى أقصى اليسار وذاك يريد أن يأخذها إلى أقصى اليمين، وهي أي المرأة تكاد أن تتقطع أوصالها بين هذا وذاك، وكأني بهم الدبة التي قتلت صاحبها، فبدلاً من أن يحققوا لها السعادة والنعيم من وجهة نظرهم، نجدهم هووا بها إلى درك التعاسة والجحيم، من هنا لم نجد لكلا الطرحين ذلك الصدى أو الثقل الذي يُعتد به، ولكن كما يقولون لو خليت خربت فقد قيض المولى بواسع لطفه وعظيم منِّه طرفا ثالثا يعمل في صمت وحكمة، إنه تيار الوسطية والاعتدال الذي كان من مخرجاته تلك المرأة المكية أو المكاوية التي رأيناها في مناسبة احتفال أهالي مكة المكرمة بملك البلاد -حفظه الله- عند توليه الملك، توصل رسالتها ورسالة بني جنسها لولي الأمر المعنيّ الأول بها وبكل همومها وشجونها، فأصخى لفصاحتها وصراحتها، وأعجبته جرأتها وموضوعيتها، فأعطاها كل العناية والاهتمام، إنها تقول لنا يا معشر الرجال نحن شقائقكم من النساء أصبحنا نجيد الحديث عن أنفسنا وأصبحنا نعرف ما هي احتياجاتنا، وشكرا لكم على حسن اهتمامكم وجميل رعايتكم فقد قُدِّر علينا أن نظل ردحا من الزمن بين فكيّ الرحى، ما بين متفلت يسعى لسلخنا من هويتنا ليجعل منا مسخا مشوها عن الآخرين أو متزمت يسعى لوأدنا وهدم أدميتنا دون أن يستوعب مقاصد التشريع السمحة ويلم بمعانيه السامية.
إنها تقول لنا أيها الرجال قد اكتوينا واكتفينا من مماحكاتكم ومناحراتكم ومطاحناتكم، فنحن لم تعد تستهوينا كل أطروحاتكم ولا تجذبنا كل شعاراتكم ولا تخدعنا كل عباراتكم، فلا تجعلوا منا قضية فانتازية أو حالة مستعصية أو وضعا متأزما، لتتسلوا بنا من حين لآخر، فقد بلغنا سن الرشد وتجاوزنا مرحلة الفطام، وأصبح لنا شخصية مستقلة وهوية واضحة المعالم، فلستم وحدكم من استفاد من هذه النهضة الحضارية التي تشهدنا بلادنا الحبيبة في كل مجال من المجالات وفي كل حقل من الحقول، إننا أيها السادة وببساطة شديدة لا نريد أكثر مما ارتضاه لنا البارئ عز وجل في شرعه الحكيم، ففيه كفايتنا وفيه غايتنا بل وفيه إنصافنا منكم أيها الرجال، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} فإن أردتم حقا الخير والفلاح لنا فدعونا نعلن الاستقلال من كل أفكاركم وآرائكم المتطرفة يمينا ويسارا، ولتنسحبوا من كل المساحات والأمكنة التي استعمرتمونا فيها زمنا طويلا، ودعونا نساهم معكم في بناء ما يخصنا من مجد أمتنا وحضارتنا دون إقصاء أو مصادرة أو وصاية تعيق حركتنا وتمنع انطلاقتنا وتحد من مشاركتنا.
هل بعد هذا القول قول؟ لقد قطعت رباب قول كل خطيب، فإن لنا يا معشر الرجال أن نترجل عن منبر الشقائق وندعهن يعبرن عن أنفسهن بأسلوبهن وطريقتهن، فهن لم يعدن بحاجة لخدماتنا بعد الآن، بل علينا أن نتدارك أنفسنا فوات الأوان وقبل أن تنقلب الآية وتؤول الوصاية منهن علينا، ولات ساعة مندم وقد أعذر من أنذر.
ماجستير إدارة أعمال
عضو الجمعية السعودية للإدارة.
عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
.Aladeeme301@hotmail.com