لم يفهم ضيفي المهندس الهندي كيف نشكو من أزمة ماء في جدة، وأساطيل الوايتات تصول وتجول في شوارعها؟
إذا كان الماء موجوداً فلماذا لا يرسل إلى البيوت عبر شبكة الأنابيب؟ وإن لم يكن، فكيف توفر في الأشياب؟
كل عام تتجدد الأزمات بنفس المواعيد، ونصرخ بنفس الأوقات، ونسمع نفس التفسيرات والتبريرات،....
..... ونخدر بنفس الوعود، ونخرج من الأزمة ونعود إليها في نفس المواعيد لنكرر الأسطوانة من جديد.
الصيف يبدأ رسمياً بعد أيام. وكما كل صيف سوف (تفاجأ) مصلحة المياه، والخطوط السعودية، وأجهزة الجوازات والمرور وكل الدوائر المعنية بالأزمات (المسترجعة). اقرأوا الصحف وتابعوا التلفزيون والإذاعة ل(تسترجعوا) من نفس المواطنين أو من مثلهم، من نفس المسؤولين أو من خلفهم حكاية كل موسم ومسلسلاته المعادة من (طقطق لسلام عليكم).
وبعد الصيف يأتي الخريف، وتأتي المدارس، ويأتي المطر، ورمضان، والعيد، والحج. وفي كل موسم ستشكل اللجان لحل المشكلات (الطارئة)، والتي (بالصدفة المجردة) تشبه بالضبط المشكلات (الفارطة)، وتتطلب بالضبط نفس الحلول (المستعجلة) و(المؤقتة)، وتوضع لها بالضبط نفس الإستراتجيات التي ستنهيها في السنوات المقبلة.
هل يعقل أن المسؤولين في وزارة المياه والكهرباء لا يعرفون (بالضبط) أبعاد المشكلة في كل مرة؟ وأنهم غرر بهم فحسبوا حساب رقعة سرعان ما اتسعت على الراقع؟ وأن المشكلة الحقيقية في القدرة على (التوقع)؟
وهل يصدق ذلك أن كل الوزارات الأخرى تعاني نفس المشكلة؟ التربية والتعليم تحسب حساب مليون مقعد فتاجأ بمئات الألوف تظهر فجأة. والتعليم العالي يفصل جامعاته على عشرات الألوف فيتضح أن هناك ألوفاً غيرها نجحت وقررت أن تواصل الدراسات العليا. والكهرباء والبلديات والمواصلات والصناعة ترتب الأمور بكل وعي وعلمية على حال، ثم (تصدم) بأن الواقع أكبر وأكثر تطلباً من كل الحسابات. فالأحياء الجديدة، والمناطق الصناعية الناشئة، وحركة التنقل والبناء كلها (تنبت) كالعشب الشيطاني بلا تفسير ولا سابق إنذار ف(تلخبط) كل الحسابات (الدقيقة)، وتعيدنا جميعاً إلى المربع (الأول مكرر) من جديد.
وأين دور وزارة التخطيط في كل هذا؟ أم أن كل وزارة تخطط (بمعرفتها)؟ هل آن الأوان لأن تنشأ هيئة عليا للتخطيط الإستراتيجي؟ وأخرى لإدارة الأزمات؟ ربما... وربما آن الأوان لمجلس الشورى أن يناقش هذه الأزمة (التنبؤية) والحلول (الجذرية) لها. وأرجو ألا تكون حال حلوله وتنبؤاته كحال من يسعى لتحسينها، وإلا... خلف الله علينا ويا بخت تجار الأزمات.
kbatarfi@gmail.com