مع انتظار اللبنانيين حلول الفرج وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية بعد أن أدى اتفاق قادتهم السياسيين في الدوحة إلى انتخاب رئيس توافقي، قدم العديد من المبادرات الإيجابية لتسهيل حل عقدة تشكيل الحكومة، ومنع انحدار البلد نحو مصير مجهول.
مع انتظار بشرى نجاح تشكيل الحكومة لابد أن يتذكر اللبنانيون اتفاق الطائف الذي انتشل لبنان من أتون الحرب الأهلية التي أحرقت البلد، ومزقت أطرافه وكادت تلغي دولة لبنان.
اليوم وبعد 19 عاماً لابد أن يتذكر اللبنانيون ما جرى في الطائف حيث أطفأ ممثلو كل لبنان الأزمة؛ عندما التقى أعضاء مجلس النواب جميعاً على أرض المملكة ولمدة أربع وعشرين يوماً، أنجز من خلالها النواب -ومن خلال العمل ليل نهار- وبمتابعة ومشاركة مكثفة لقادة المملكة العربية السعودية، مما أنجز اتفاقاً انتشل لبنان من الطريق الذي كان يقوده إليه المتطرفون وأصحاب المصالح المرتبطين بالخارج وأصحاب الطموحات الشخصية الأنانية العتيقة، والذي كان سيؤدي إلى إلغاء لبنان الدولة.. لبنان الحضارة.. لبنان النموذج الذي كان أملاً أن يحتذى.
واليوم وبعد 19 عاماً على اتفاق الطائف وبعد شهر ونيف على اتفاق الدوحة، يتذكر اللبنانيون ويقارنون بين ما حصل آنذاك وما تحقق اليوم، فاتفاق الطائف أعاد الإنصاف وحقق العدل لجميع طوائف لبنان وأعطاها الإنصاف بمشاركة متساوية في الحقوق والواجبات وتقاسم السلطات من خلال توازن كانت تفتقده الجمهورية اللبنانية وهو ما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية، ولذلك فقد أسهم وعمل اتفاق الطائف على تحصين لبنان والحفاظ عليه ونقله من حالة التدمير إلى الاستقرار.
واليوم إذ يتوصل اللبنانيون -من خلال قادتهم السياسيين- إلى اتفاق الدوحة فإنهم يتطلعون أن يكونوا بمستوى الرجال الذين صنعوا وأنجزوا اتفاق الطائف الذي أرسى قاعدة قوية للبنان الدولة، ويكملوا حلقات ما اتفقوا عليه في الدوحة، لأن إنجاز نصف الاتفاق سيقود البلد إلى أزمات وانهيارات، مثلما حصل بعد 19 عاماً في اتفاق الطائف الذي لم تنفذ بنوده التنفيذ الأمين والكامل مما أوجد الأزمة الحالية.
والغريب أن نفس الأطراف التي عرقلت تنفيذ بعض بنود اتفاق الطائف نراها اليوم تقوم بنفس الدور المعرقل لاتفاق الدوحة وكأنهم لم يتعلموا الدروس المؤلمة للحرب الأهلية السابقة.