المخدرات تهريبا وترويجا وتعاطيا، سلط الإعلام الضوء عليها كثيرا، سواء إعلامنا المحلي أو الإعلام العالمي بكافة وسائله، ولذا فالجميع يملك معلومة عن خطر هذه الأدوار الثلاثة ويدرك عظم خطر هذه الفئة من الناس على البشرية جمعا، وللمملكة في محاربة هذه الآفة جهود كبيرة ومبادرات عظيمة تسجل بماء الذهب فقانون الإعدام لكل مهرب ومروج كان له أصداء إيجابية وآتى ثمارا أحسبها كبيرة، وجهود رجال المكافحة المكافحين بأرواحهم ضد هذا البلاء مشهودة وما هذه الأرواح التي أزهقت ونحسبها بإذن الله شهيدة تتنعم في جنات عرضها السموات والأرض إلا خير شاهد على جهودهم، وكذا رجال حرس الحدود الذين يقاسون من وعورة الأرض وتقلب المناخ وخطورة المواجهة لهم من الجهد ما يذكر فيشكر، وإخوانهم رجال الجمارك العاملون بصمت المنجزون على أكمل وجه هم في الحقيقة جنود بلا بزة ولا رتبة عسكرية ولكنهم بقلوب مؤمنة.. أمنت بأن واجبهم كبير ومهمتهم خطيرة فقبلوا التحدي وأنجزوا المهمة على أكمل وجه، كل هذه الجهات وغيرها من الجهات الأمنية في حرب ضد عصابات تدمير الإنسان، ومع أن المخدرات بكافة أنواعها خطيرة ومهلكة إلا أنه بدأ ينتشر بين المتعاطين ويروجه المروجون أنواع من المخدرات أكثر ضررا لكونها مغشوشة..! مخدرات ومغشوشة..؟! هذه هي المصيبة الكبرى التي تضاف إلى سابقتها، فغش المخدرات نابع من رغبة تجارها تسويقها على كافة شرائح المجتمع وبأسعار في متناول الجميع نسبيا، وهذا النوع يسبب موت الخلايا المخية وبذلك يصعب بل يستحيل علاج المدمن لمثل هذا النوع.
سنحت لي الفرصة من خلال عملي التواصل مع الإخوة في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات وفريق العمل المكون من المديرية العامة لمكافحة المخدرات ومصلحة الجمارك وحرس الحدود وهالني ما تبذله هذه الأجهزة كل على حدة في حربهم ضد هؤلاء المجرمين الذين تجاوزا كل حدود وأذهلني بل وأحزنني ما سمعته من أرقام تدل على عظم الخطر وإنه لا يقل بأي حال من الأحوال عن خطر الإرهاب، سمعت عن زوجات يبكين ليلاً نهاراً من هؤلاء الأزواج الذين صاروا يشكلون لهن خطرا بعد أن كانوا يحسبون على أنهم حماة الدار والأعراض فتحولوا بسبب هذه الآفة إلى خطر جاثم يهدد أول ما يهدد العرض، وسمعت عن آهات وزفرات أمهات بات هذا الابن خطرا على أعراض أخواته، وسمعت وسمعت قصصا هي إلى الخيال أقرب منها إلى الواقع ولكنها للأسف واقع ولكنه مر بل نار أحرقت الكثير من البيوت ودمرت كثيرا من الأسر، وبعد.. ماذا عسى قائل يقول بعد أن يطلع على بعض الإحصاءات ويسمع بعض التقارير ويشاهد بعض الوقائع المؤلمة..؟ في اعتقادي إن الأمر يحتاج إلى وقفة رجل واحد.. وقفة صارمة من البيت أولا كما أكد على ذلك سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز في أكثر من حديث فالبيت مهما كان هو المسؤول الأول عن هذه المصائب التي تحل بالمجتمع فالوعي ثم الوعي يجيب أن يسود كافة أفراد الأسرة ومن قصر وعيه فعلى الأجهزة المعنية في الدولة توعيته ولو قسرا، والمسؤولية التي لا تقل عن مسؤولية البيت المدرسة التي قلت في مقالة سابقة إنها تقوم بدور التعليم وأغفلت التربية التي هي أساس استقرار ونمو أي مجتمع، ولذا فإنني أتطلع إلى دور إيجابي وكبير للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في هذا الاتجاه، وأن تتعامل مع الأمر بكل شفافية وبكل علمية فأمر كبر المصيبة لم يعد سراً.. أليس كذلك؟