Al Jazirah NewsPaper Friday  27/06/2008 G Issue 13056
الجمعة 23 جمادىالآخرة 1429   العدد  13056
نقاط فوق الحروف
مفهوم الخلوة المحرمة لدى الهيئة
د. محمد بن عبدالعزيز الشايع

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

فقد لوحظ مؤخراً كثرة الحديث في الصحف اليومية عن موضوع (الخلوة المحرمة) وأدلى فيها عدد من الكتاب والصحفيين بدلوهم، وتجشموا الكلام فيما لا يحسنون؛ فوقع كثير منهم في القول على الله بلا علم، واتهام أهل الحسبة بما هم منه براء، وقديماً قيل: (من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب).

ولي مع هذه الأطروحات والمقالات عدة وقفات أحاول إيجازها فيما يلي:

أولاً: أن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه محرمة بإجماع أهل العلم كما حكاه النووي في شرح صحيح مسلم (14-153) والحافظ بن حجر في الفتح (4-77)؛ وذلك لورود النصوص الصريحة بالنهي عنها والتحذير منها، كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن إلا ومعها محرم) وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) وغيرها.

ثانياً: أن (الخلوة) مصطلح شرعي؛ فالكلام فيه وتحديد المراد به كلام في الشرع، والتخوض فيه بالرأي قول على الله بلا علم.

ثالثاً: إذا تقرر أن (الخلوة) مصطلح شرعي؛ فإن العبرة في فهمه وتحديد ضابطه النصوص الشرعية وكلام أهل العلم المعتبرين لا آراء الناس أو أعرافهم المخالفة للشرع.

رابعاً: إن الخلوة الشرعية المعتبرة في كلام أهل العلم هي اجتماع المرأة الأجنبية بالرجل بحيث لا يكون معهما عاقل في مكان لا يطلع عليهما أحد.

خامساً: أن كل ما كان وسيلة إلى الخلوة، أو من مقدماتها، أو متضمناً لعلة النهي عنها، يمنع منه؛ إعمالاً للقواعد الشرعية المقررة كقاعدة (سد الذرائع) وقاعدة (الوسائل لها أحكام المقاصد) وغيرها.

سادساً: أن أهل العلم المحققين قد أجروا حكم تحريم الخلوة على صور عديدة لا تختص بالخلوة بمعناها المتقدم؛ لكونها وسيلة إليها، أو من مقدماتها، أو متضمنة لعلة النهي عنها.

وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية هذا السؤال: هل الخلوة هي فقط أن يخلو الرجل بامرأة في بيت ما، بعيداً عن أعين الناس، أو هي كل خلوة رجل بامرأة ولو كان أمام أعين الناس؟

فأجابت برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله وعضوية أصحاب الفضيلة المشايخ عبدالله بن قعود وعبدالله بن غديان وعبدالرزاق عفيفي رحمهم الله بما نصه: (ليس المراد بالخلوة المحرمة شرعاً انفراد الرجل بامرأة أجنبية منه في بيت بعيداً عن أعين الناس فقط، بل تشمل انفراده بها في مكان تناجيه ويناجيها، وتدور بينهما الأحايث، ولو على مرأى من الناس دون سماع حديثهما، سواء كان ذلك في فضاء أو سيارة أو سطح بيت أو نحو ذلك؛ لأن الخلوة منعت لكونها بريد الزنا وذريعة إليه، فكل ما وجد فيه هذا المعنى ولو بأخذ وعد بالتنفيذ بعد فهو في حكم الخلوة الحسية بعيداً عن أعين الناس، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم).

المصدر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (ج17 - ص 152) فتوى رقم (7584).

سابعاً: أن الجهة الشرعية العليا بالمملكة العربية السعودية التي يرجع إليها ومصدر عن رأيها في هذه المسائل هي اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة البحوث العلمية والإفتاء بالمملكة، ولهذا فإن الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممثلة في فروعها ومراكزها تأخذ بفتاواها، وتعرض ما يشكل عليها، وتصدر عن رأيها، شأنها في ذلك شأن جميع الأجهزة الحكومية في هذه البلاد المباركة التي تحكم الشريعة، ومنها هذه المسألة محل البحث هنا. وقد تقدم نقل فتواها في ذلك.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد