بغداد - (رويترز)
كانت ربة المنزل العراقية نجاة العزاوي تعيش في خوف مستمر من هجمات السيارات الملغومة حين تذهب للتسوق.
اما الآن فحين تذهب إلى السوق في بغداد يكون اكبر مخاوفها هو أسعار الطعام الملتهبة.
ومع بلوغ العنف أدنى مستوياته خلال أربع سنوات لا يكف الكثير من العراقيين عن التفكير في نفس الشيء الذي يثير قلق الناس في أنحاء العالم ألا وهو التضخم.
وتحدثت نجاة عن أثر ارتفاع أسعار الغذاء على ميزانية أسرتها، وقالت إن ثمن نصف كيلو من الدجاج في الأسبوع الماضي بلغ 2250 دينارا (1.80 دولار). اما في الأسبوع الحالي فوصل إلى 2750 دينارا.
وفي بغداد يصعب تبادل الحديث مع أي أحد هذه الأيام دون أن تطرح مسألة أسعار الغذاء.
ويقول محمد جبار الذي يملك متجرا: (تحسن الأمن وما يؤلم الآن هي الأسعار التي تزداد سوءا).
وقال البنك المركزي في الأسبوع الماضي إن تكلفة الغذاء والطاقة المتزايدة دفعت معدل التصخم السنوي للعراق إلى 16 في المئة في ابريل نيسان مرتفعا عن الانخفاض القياسي خلال 17 عاما الذي حققه عندما بلغت نسبته 12 في المئة في ديسمبر كانون الأول من العام الماضي.
وليس التضخم الجامح بجديد على العراقيين الذين عاشوا عقودا من حروب وعقوبات فرضتها الأمم المتحدة.
وعند المقارنة بين المستويات الحالية ومعدل التضخم السنوي الذي بلغ 66 في المئة في يناير كانون الثاني عام 2007 حين عطلت أعمال العنف المستعرة إمدادات الوقود والطعام مما تسبب في ارتفاع شديد في أسعار السلع تأتي المقارنة في صالح المستويات الحالية.
وفي مواجهة هذا ضاعف البنك المركزي معدلات الفائدة تقريبا لتصل إلى 18 في المئة مما أدى إلى انخفاض معدل التضخم في نهاية المطاف.
وعلى الرغم من أن العراق توجد به أراض صالحة للزراعة أكثر من بعض جيرانه الذين تغطي الصحراء بلادهم فإن انعدام الاستقرار جعل الإنتاج الزراعي في حالة مزرية، ومعظم الطعام مستورد.
وقال بطي القبيسي الخبير الاقتصادي ومدير عام وزارة التخطيط: إن العراق يستورد أبسط الأشياء حتى الطماطم والباذنجان من سوريا والأردن وإيران وتركيا وأضاف إن التكاليف ترتفع هناك والمستهلكون سيدفعون أسعارا أعلى في العراق.
ومن المفارقات أن العقوبات التي أعاقت اقتصاد العراق في التسعينات أدت الى استحداث شيء ساعد في تخفيف حدة اللطمة التي سببها ارتفاع أسعار الغذاء العالمي وهو نظام لتوزيع الحصص التموينية.
وطبق صدام حسين نظام البطاقات التموينية لمواجهة نقص الغذاء الذي سببته عقوبات فرضت على العراق بسبب غزوه للكويت عام 1990. وتقول وزارة التجارة العراقية إن هذا النظام ما زال يطعم قرابة ثلثي الشعب العراقي الذي يقدر عدده بسبعة وعشرين مليون نسمة.
وقال محمد حنون المتحدث باسم الوزارة إن كل أسرة عراقية تحصل على بطاقة تعطيها الحق في الحصول على الطعام من خلال 55 ألف منفذ.
وأضاف إن نظام المعونة الغذائية العراقي فعال مشيرا إلى أن الأزمات الغذائية التي تسبب العنف في دول أخرى لم تصب العراقيين إذ لديهم الحصص التموينية التي لا توفر لهم كل شيء لكنها تمنحهم السلع الأساسية مثل الدقيق والأرز والسكر.
وقال القبيسي إن حصص الغذاء كلفت الحكومة العراقية أربعة مليارات دولار عام 2007 وقد طلبت وزارة التخطيط مثلي هذا المبلغ في العام الحالي لمواجهة الأسعار العالمية المتزايدة.
لكنه ذكر أن الفواتير الضخمة من صادرات النفط الخام بأسعار قياسية تعني أن العراق يستطيع تحمل تكلفة استمرار هذا النظام.