د. حسن الشقطي
أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 9581 نقطة خاسراً حوالي 197 نقطة عن مستوى الأسبوع الماضي .. ورغم تماسك المؤشر خلال الأربعة أيام الأولى للتداول، حيث لم تتجاوز خسائره 47 نقطة، إلاّ أنه سرعان ما انهار تماسكه يوم الأربعاء ليخسر حوالي 150 نقطة جديدة .. وقد تزامن هذا الهبوط يوم الأربعاء مع هبوط عام للأسهم القيادية والتي تفاوتت نسبة انخفاضها .. وقد حدث كل ذلك رغم عدم وجود أية أخبار سلبية تعكر صفو التداول، بل يعيش السوق حالياً فترة من الهدوء .. ولا توجد مستجدات ذات تأثير خلال الفترة الحالية أو المقبلة سوى اكتتاب معادن الذي يحين موعده في الخامس من يوليو المقبل، إلاّ أنّ الجميع يعلم أنّ هذا الاكتتاب لا يمثل قلقاً يمكن الاعتماد عليه كأثر سلبي لهذه الهزة الشديدة التي ضربت المؤشر يوم الأربعاء .. أيضاً سارت اكتتابات أسواق عبد الله العثيم وحلواني أخوان هذا الأسبوع على نحو هادئ، وأحرز تغطية عالية في أيامها الأولى.
أمّا الأمر المستغرب أنه في ظل هذا التراجع الملحوظ للسوق ككل، والذي نال من كل الأسهم الاستثمارية سواء الثقيلة أو المتوسطة، فلم ينج من الخسائر سوى قطاعي التأمين والفنادق فقط، بل أحرزا أرباحاً طفيفة .. فما الذي حدث؟ وكيف طرأ هبوط الأربعاء؟ وكيف يمكن تفسير خسائر كافة القطاعات باستثناء التأمين والفنادق؟
المؤشر يخسر 150 نقطة يوم الأربعاء
رغم أنّ المؤشر خضع هذا الأسبوع لمسار ضيق ما بين 9684 إلى 9836 نقطة خلال الأيام الأربعة الأولى، إلاّ أنه سرعان ما انكسر هذا المسار ليخسر نحو 150 نقطة يوم الأربعاء .. ويبدو أنّ طول فترة المسار الضيق وعدم القدرة على اختراق المقاومة الصعبة عند 9836 نقطة هذا الأسبوع، أدى إلى حركة ارتدادية كردة فعل للفشل في الصعود ومن ثم فقد أصيب السوق ككل بانتكاسة..
ضغوط الأسهم الاستثمارية حديثة العهد بالسوق 2007
خلال العام الأخير طرح بالسوق العديد من الأسهم الاستثمارية التي يمكن مجازاً تسميتها بالأسهم الاستثمارية الجديدة .. والتي من أبرزها كيان وبترورابغ وجبل عمر و(أيضا أعمار)، وانضم إليها مؤخراً زين والإنماء .. هذه الأسهم رغم هدوء تحركاتها على مدى الفترات الأولى لإدراجها، إلاّ أنّها منذ نهاية العام الماضي، وهي تحرز صعوداً قوياً ومتزايداً .. ويوجد اعتقاد بأنّ هناك قلقاً ومخاوف كبيرة من حائزيها المرتقبين لتحقيق هذه الأسهم للمزيد من الارتفاعات، هناك مخاوف من أن تنهار وتعود إلى مستوياتها القديمة في نوفمبر 2007 .. إن هذه الأسهم على مدى الستة شهور الأخيرة تعتبر هي المحرك للمؤشر والسوق، بل إنها أصبحت تقود الأسهم القيادية الثقيلة والقديمة .. إنّ من يرغب في التنبؤ الصحيح بحركة المؤشر ينبغي أن يحرص على معرفة توجهات حائزي هذه الأسهم.
الأعلى نشاطاً على المدى الشهري وربع السنوي
إذا استبعدنا الأسهم الجديدة المتمثلة في الإنماء وزين ومجموعة المعجل، اتضح لنا أنّ أسهم شركات كيان وبترو رابغ وأعمار وجبل عمر تمثل الأسهم الأعلى نشاطاً من حيث الكمية، سواء على المدى الشهري أو حتى المدى ربع السنوي تقريباً .. الأمر الذي يؤكد وجود فائض طلب عليها أو ربما تجميع خفي .. مما يثير التساؤل: لماذا يحدث هذا التجميع؟ رغم أنّ هذه الشركات تمثل أسهما لشركات استثمارية إلى حد كبير، ثلاثة منها انضمت للسوق خلال عام 2007، أي أنها تعتبر شركات جديدة، وأنها تقريباً في طور التشغيل. وعلى ما يبدو أنّ هناك توقعات إيجابية من وراء تشغيل هذه الشركات ودخولها في الإنتاج الفعلي، وخاصة أنها تمثل شركات تمتلك تميزاً نسبياً في مجالات إنتاجها، فكيان وبترورابغ شركات بتروكيماوية يتوقع لها أسواقا متسعة، وربما يمكن القول بأنّ ربحيتهما مضمونة. أيضا أعمار وجبل عمر، تعدان شركتين رائدتين في مناطق واعدة وبأنشطة لا غبار في تنافسيتها. ورغم كل ذلك، فإنّ حائزي هذه الأسهم وخاصة أن نسبة كبيرة منهم قد دخلت فيها بأسعار مرتفعة، ينتابهم الخوف أو الشعور بالقلق عند كل تراجع ولو طفيف للمؤشر.
سهم النقل البحري وتزايد الطلب على النفط
يعتبر سهم النقل البحري من الأسهم التي نالتها طفرة غريبة خلال الشهور الأخيرة، فرغم الخسارة الكبيرة التي مُني بها السهم خلال تصحيح 2006، ورغم حالة الركود التي أصابته خلال 2007، إلاّ أنّه انتعش من جديد بدءاً من نوفمبر 2007، وبدأ يحرز صعوداً قوياً ليتحرك من 17 ريالاً في نهاية أكتوبر الماضي حتى أغلق عند 34.75 ريال الأربعاء الماضي .. أي أنه ربح 104% تقريباً خلال ثمانية شهور تقريباً .
ولعل هذا الصعود لا يعود لمجرد عمليات مضاربات ? كما يعتقد البعض - ولكنه يعود لفكر استثماري بحت يقوم على دراسة عميقة لوضع السوق العالمي الذي ارتفعت فيه أسعار النفط ارتفاعات جنونية في ظل الطلب المستمر والمتزايد على الخام الأسود .. ومما يدل على وجود طبقة بالسوق الآن تخطط تحركاتها وفقاً لاعتبارات استثمارية هو التزامن بين بدء ارتفاع أسعار النفط وارتفاع سعر سهم النقل البحري بالسوق .. أي أنّ هناك من بدأ يجمع في السهم مع بدء تزايد التوقعات بمزيد من ربحية الشركة نتيجة ندرة الخدمات التي تقدمها. بل إنّ هؤلاء المستثمرين يعلمون أنّ السوق العالمي أصبح في حاجة للمزيد من خدمات النقل البحري.
(*)محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com