هانوي - د ب أ
من بين كل الحكايات عن الشجاعة التي أبداها جون ماكين زمن الحرب الفيتنامية وراجت إبان حملته الانتخابية للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية ثمة واحدة تتجلى فيها أروع صور البطولة وإنكار الذات. لكن البطل هنا ليس ماكين بل فلاح فيتنامي بسيط. ففي 26 تشرين أول - أكتوبر عام 1967 خرج ماي فان أون من مخبأ واقٍ من القنابل في هانوي في خضم غارة جوية مسرعاً وسبح إلى البحيرة حيث كان الليفتنانت كوماندور - رائد بحري - ماكين يواجه خطر الغرق فقد التفت حول جسمه حبال مظلة الهبوط التي فتحها لدى قيامه بالقفز من طائرته القاذفة من طراز سكاي هوك التي أصيبت بصاروخ.
وفي تصرف إنساني نادر ينم عن مشاعر الرحمة في وقت كان المواطنون الفيتناميون يقتلون فيه بفعل القصف الجوي الأمريكي العنيف قام الفلاح الفيتنامى بسحب ماكين الذي كان قد فقد وعيه تقريباً إلى سطح مياه البحيرة وبمساعدة جارٍ سحبه نحو الشاطئ. وعندما شرع حشد من الغوغاء الغاضبين عند شاطئ البحيرة في ضرب وطعن الطيار الأسير أبعدهم أون عنه. بعد هذه الواقعة بنحو ثلاثة عقود من الزمان أكدت الحكومة الفيتنامية أن (أون) هو بالفعل منقذ ماكين وفي لقاء تم في هانوي عام 1996 احتضن ماكين أون ووجه إليه الشكر ومنحه أحد تذكارات مجلس الشيوخ. ومنذ لحظة هذا اللقاء وحتى وفاته قبل عامين عن عمر يناهز 88 عاماً لم يتلق الفلاح الفيتنامى الفقير أي إتصال من ماكين، وبعد ثلاث سنوات من اللقاء نشر ماكين سيرته الذاتية في كتاب روى فيه الواقعة بشكل مختلف تماماً ولم يتطرق لذكر فضل أون عليه. تجاهل مهين لم ينسه أون حتى آخر لحظة في عمره . قالت أرملته بوي تاي لين (71 عاماً) كان زوجي يشعر بالحزن والأسى أحياناً في السنوات الأخيرة من عمره. كان يقول.. لقد نسيني ماكين. كان من الممكن أن يكون ماكين في عداد الموتى. وما كان سيعود لأسرته ويخوض السباق الرئاسي اليوم. في سيرته الذاتية الصادرة عام 1999 بعنوان (إيمان آبائي) وصف ماكين واقعة انقاذه من منظور آخر وقال (عندما سقطت في مياه البحيرة، وصلت إلى الشاطى محمولاً على متن اثنين من أعواد الخيزران). وقال إنه بعد ذلك تعرض للتعذيب على مدى خمسة أعوام ونصف العام كأسير حرب. وهي رواية رشحته بقوة لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية من خلال إظهاره على أنه بطل حرب أمريكي حقيقي.