حدَّثت المرأة صغارها قصة طويلة، وبعد أن أنهتها تناقلت عيونهم الأسئلة الصامتة... عما تريد؟
لكنها طلبت من كل منهم أن يذهب للنوم دون التحدث إلى أخيه...
لأنها في الصباح سوف تسألهم الإجابة عن سؤالها الذي سوف (تطبخه) الليلة بعد أن يناموا...
همَّ أصغرهم بسؤالها عن أمر (طبخ السؤال) فأشارت بإصبعها نحو فمها بألا يتكلم.. وبيدها الأخرى وجهتهم للنوم... ثم أشرفت على نومهم.
في الصباح نهض الجميع نشطين متحفزين لمعرفة السؤال... لكنها كانت تحدثهم بالإشارة خطوة تلو خطوة: فبدأوا بالوضوء والصلاة، ومن ثم إعداد حقائب المدرسة ثم الجلوس إلى طعام الإفطار... ثم التوجه للحافلة...
وحتى تلك اللحظة لم تتحدث.
لكن في اللحظة الأخيرة أوقفتهم لتسأل: ما سر استيقاظكم دون تباطؤ نشطين لم تتأخروا عن واجب...؟
قال صغيرهم: كنت أفكر في السؤال... قال الأوسط: فكرت كيف ستطبخينه... قال الأكبر: حاولت معرفة الرابط بين القصة التي سردتها لنا قبل النوم وبين طلبك..؟ قال الذي يليه: كنت قلقاً ما وراء همتك هذه..؟
ابتسمت ثم قبلتهم وهي تقول: حفظكم الله.. اذهبوا الآن للمدرسة وبعد أن تعودوا يكون الجواب قد نضج.. مضوا وكل منهم يحرك رأسه اندهاشا وتعجبا. بعد عودتهم توجهوا مسرعين نحوها لمعرفة السؤال والإجابة... طلبت إليهم أن يتموا ما عليهم فذهبوا للصلاة ثم الغداء فالراحة... فطلبت إليهم أن يتموا واجباتهم..
تبادلوا النظرات ثم أقبلوا بنشاط لدراستهم.
حين تحلقوا حولها للإصغاء لما ستقول سألتهم: كم ساعة وفرتم منذ البارحة حتى الآن مقارنة بالأيام التي تمضي بكم بين لهو ولعب وسهر وتباطؤ في النهوض وأداء للواجبات؟... أخذ كل منهم يعد الزمن ساعة ساعة خلال أربع وعشرين ساعة، ثم قال كبيرهم: أنا وفرت ساعتين ونصف... وقال الثاني وفرت قريباً منه.. أما الصغير فقال وفرت ساعتين إلا ثلاثا..أما أصغرهم فتعاونوا معه فإذا به قد وفر ساعة ونصف...
قالت لهم: حين يكون لكم ما تهتمون به وتحرصون عليه فإن الوقت يكون لكم ومن أجلكم...
فيه تعملون فيعطيكم مداه... وفيه تأخذون فيوفر لكم راحتكم...
هل عرفتم الآن كيف يطبخ السؤال وتنضج الإجابة...؟
تبسم أولادها ونهضوا ليرسموا أوقاتهم ساعة ساعة ويعبئون خاناتها.