القاهرة - مكتب الجزيرة - علي فراج
حذر سياسيون ومفكرون مسلمون وأقباط من تصاعد الاحتقان الطائفي في مصر، مؤكدين أن هناك أصابع خفية تريد العبث بأمن البلاد، وشددوا على أن مصر ليس بها عداء طائفي بالشكل الذي تروّج له بعض وسائل الإعلام المدفوعة أجنبياً التي تريد تنفيذ أجندة غربية هدفها خلق فوضى هدامة على ضفاف النيل، وطالبوا علماء الإسلام بالتدخل الحاسم وإيضاح خطورة اللعب بكرة الطائفية حتى لا يحترق الجميع بنيرانها.
وكانت مصر قد شهدت في الأيام الماضية توتراً طائفياً في أماكن متفرقة، بدأت بأحداث دير أبو فانا بملوى بمحافظة المنيا، حيث دار صراع هناك بين مسلمين ورجال الدير بسبب أرض متاخمة لمبنى الدير يدعي كل طرف أحقيته بها، وأسفر عن الحدث سقوط قتيل وإصابة العشرات، وما زالت الأزمة قائمة؛ حيث رفضت الكنيسة قرار التقسيم، بل إنها أعلنت مقاطعة قرارات محافظ المنيا بشكل رأى فيه البعض أنه افتئات على سلطة الدولة، وهو ما قد يجر على الطرفين مشاكل جمة. وقبل أن تنتهي أزمة دير أبو فانا أطلت بؤرة جديدة للطائفية بوجهها القبيح؛ حيث اندلعت اشتباكات جديدة في إحدى قرى محافظة بني سويف على خلفية اتهامات وجهها المسلمون إلى أقباط القرية بأنهم خطفوا امرأة أشهرت إسلامها في وقت سابق، وأخذوها من منزل زوجها المسلم.
من جانبه ندد جمال أسعد عبد الملاك المفكر القبطي برفض الكنيسة لقرارات محافظ المنيا واللجنة القانونية التي قام بتشكيلها لتحديد أملاك الدولة وأملاك الدير، فيما اعتبره نوعاً من إهدار القانون، وقال إن اللجنة التي شكلها المحافظ هي لجنة تضم مسؤولين مختصين لتحديد ملكية الدولة وملكية الدير، ومن ثم يعد عدم التعامل معها أو مع المحافظ استخفافاً بصلاحيات وسلطات الدولة. واعتبر أسعد ما حدث بدير أبو فانا تكراراً لسيناريو دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، وذلك حينما استولى الدير على مائتي فدان زيادة على المساحة المحددة في قرار التخصيص الذي أصدرته الدولة، وعندما ذهبت الجهات والسلطات التنفيذية من أجل إزالة التعديات تصدى لها رهبان الدير، وللأسف رضخت الدولة لهم، وسمحت لهم بوضع اليد على الأرض، وهو ما يعد إهداراً لهيبة الدولة.
أما كمال زاخر منسق جبهة العلمانيين فطالب بتدخل الرئيس مبارك لحل الأزمة؛ لأن الأمر يتجاوز النزاع على ملكية أرض؛ فالموضوع أكبر من ذلك بكثير، ولا بد من تدخل رئاسي بالأزمة قبل أن تتفاقم الأجواء الطائفية التي تعيشها مصر حالياً. وقال زاخر: إن الأمر بحاجة إلى رؤية سياسية؛ لأنه يتعلق بأمن الدولة، كما أنه يتجاوز رؤية محافظ أو وزير أو أعراب أو البابا شنودة نفسه؛ فالرئيس مبارك وحده القادر على التصدي لهذه الأزمة لحماية الدم المصري سواء كان مسلماً أو مسيحياً.
أما ضياء رشوان مدير وحدة النظم السياسية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب(الأهرام) فيؤكد أن هناك طريقتين لحل الأزمة، الأولى: الطريقة القانونية عبر الاحتكام لمؤسسات الدولة القانونية والقضائية، أو عبر الأساليب الاجتماعية القانونية، ومنها المجالس العرفية المتعارف عليها قانونياً، التي رفضها الأقباط. وطالب رشوان بتطبيق مبادئ القانون في مثل هذه النزاعات، وأن يطبق القانون على المسلمين والأقباط على حد سواء. وتساءل مستنكراً: هل من صلاحية وسلطات الكنيسة الأرثوذوكسية الأم في القاهرة التدخل في نزاع بمنطقة معينة بين مجموعة أفراد ورهبان دير أبو فانا؟
وأشار الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين إلى أن ثمة احتقاناً موجوداً في المجتمع، متهماً الدولة بأنها المسؤول الأول عن أحداث العنف الطائفي بين المسلمين والأقباط.