وحب الوطن من الإيمان ولا خلاف على صحة هذا النص، لكننا إذا أردنا أن نتفلسف في مفهوم الحب، فإننا نجد لكل حب أسبابا ودواعي، فالحب في الإيمان يرتبط بالاعتصام بحبل الله، والحب بين الناس تفرضه العلاقات التي تنشأ بينهم لأي سبب سواء كان بالتآخي أو بمجرد التعارف أو الصداقة أو بالقرابة أو بالعشق أو التتيم والانقياد بحبل الهوى. أما عشق الوطن فإن من أساسياته عشق أخلاقيات أهله وحسن آدابهم، لكن إذا كان أهله غير متصفين بما للرجولة من معنى، فإن بالوطن وطن آخر لأن الأرض تتشابه بالطبيعة ولا يميز اختلافها عن بعضها إلا أهلها، ولهذا سنت الهجرة من بلد إلى آخر للسبب الذي يجعل نفس المهاجر لا تطمئن للبقاء فيه. والشعراء لا يمتدحون أوطانهم إلا عن قناعة تامة وعن رضى بسلوكيات أهلها، ولهذا فإن القصائد في إيجابية حبه وسلبيته تملأ الدواوين وكتب الأدب المدونة في جميع العصور، وإذا كان لابد من شاهد على حب الوطن لكي أختم به هذا الموضوع، فإن بين يدي ديوان (ساعي البريد) للشاعر الموريتاني زين العابدين بن عبدالله بن بيه الذي ختم قصيدته ذات العنوان (ولا فخر) بقوله: